بأسلوب مشوّق أعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من بكركي يوم عيد الميلاد ان الكلام لن يكون من الصرح بل إنتظروني الاثنين 27/12/2021. فحبس اللبنانيون الأنفاس لتأتي الكلمة دون مستوى الازمة التي تعصف بلبنان.
فهو كعادته لجأ الى الشعارات والطروحات المدغدغة التي في غير وقتها ولم يسم الاشياء بأسمائها. كأنه يصرّ على لعب دور "شيخ صلح" وفق سياسة "تبويس اللحى" عوض أن يفرض نفسه كرئيس جمهورية ويحكم كرجل دولة لا كمن يشكو ويرثي الجمهورية.
المؤسف ان عون يستخفّ بعقول اللبنانيين حين يضع نفسه خارج المنظومة ويتحدث عن أنه "دعا الى أكثر من لقاء ومؤتمر وطرح حلولاً ولكن اهل المنظومة رفضوا ان يتخلوا عن أي مكسب، ولم يحسبوا أي حساب للناس". فهل نسي أنه في صلب هذه المنظومة كونه رئيس البلاد ورئيس أكبر كتلتين وزارية ونيابية وشريك بالتكافل والتضامن مع "حزب الله" ومن خلفه "الثنائي الشيعي"؟!!
يصرّ على ممارسة الانكار، ويدعو الى الحوار وهو يدرك ان ثقة الشعب اللبناني والمجتمعين العربي والدولي مفقودة به وبكل الطبقة الحاكمة من جهة، وانه هو وحليفه "حزب الله" من إنقلبا على طاولة الحوار الوحيدة المنتجة والتي أثمرت في زمن الرئيس ميشال سليمان عام 2012 إعلان بعبدا الذي إرتكز على مبدأ الحياد من جهة أخرى. حتى ان حريقاً في اول عهد عون قضى على لوحة اعلان بعبدا المرفوعة في القصر الجمهوري ولم يتم إعادة وضعها.
لذا قبل أن يطرح مسألة الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان، ليته يسأل حليفه حزب الله لماذا رفض تقديم تصوره عن هذه الاستراتجية خلال طاولة حوار 2012؟!
يشكو العماد عون من تعطيل البلاد، ولم ينس الشعب اللبناني كيف برّر لحليفه الثنائي الشيعي تعطيل البلاد لسنتين عام 2006 وكيف تعطلت البلاد لسنتين كي يصل الى بعبدا وكيف جاهر بتعطيل تشكيل الحكومة لأشهر من أجل توزير صهره النائب الحالي جبران باسيل!!! كما يتحدث عن تعطيل الحكومة، فلماذا لم يسم المعطل أي حليفه "الثنائي الشيعي" الذي لم يحترمه حين هدّد وزيره وتوعد خلال الجلسة الاخيرة؟!
يسأل من المسؤول عن عرقلة الحوار مع سوريا لاعادة النازحين السوريين؟ ألم تكن حكومة حسان دياب حكومتهم أولم يزور وزراؤها سوريا، فمن وقف بوجه هذه العودة غير صديقه الرئيس السوري بشار الاسد؟!
يسأل ما هو المبرر لتوتير العلاقات مع الدول العربية والتدخل في شؤون لا تعنينا؟ اليس الاجدى ان يسأل حليفه "حزب الله" الذي لا يفوت فرصة للهجوم عليها والذي يعبث بأمن مجتمعاتها أكان عسكرياً او أمنياً أو حتى إجتماعياً عبر ما يحكى عن تصدير المخدرات؟!
إن عون أكّد المؤكد عن عمق إرتباطه وتياره بـ"حزب الله" عبر إستحضار ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة" – وإن حاول تجميلها شكلياً بالقول إن المسؤولية الأساسية هي للدولة. وحدها الدولة تضع الاستراتيجية الدفاعية، وتسهر على تنفيذها - ونسي أن هذه الثلاثية ومفهوم الدولة السيدة هما خطان متوازيان لا يلتقيان وان "حزب الله" فشل بتمريرها في البيانات الوزارية الاخيرة فتم إستبدالها بتوصيف آخر.
يا ليت الرئيس ميشال عون رافع راية ثلاثية "حزب الله" والداعي للحوار ولبحث الاستراتيجية الدفاعية في العام ٢٠٢١ يأخذ بنصيحة الجنرال عون في 5 نيسان 2003 القائل: "أنا لا أستطيع أن أحاور حزب الله وهو يحمل البندقية، فليضع البندقيّة جانباً وبعدها نتحاور".
بالمختصر المفيد، من فشل عهده طيلة خمس سنوات جراء مراعاته الدويلة على حساب الدولة بشكل أساسي وعدم القيام بخطوات اصلاحية جدية، هل يعقل أن ينجح في الاشهر الاخيرة بإنقاذ الدولة وإجراء الاصلاحات؟!! الجواب السلبي حتمي وكلمة عون ليست إلا من باب رفع العتب ورفع سقوف التفاوض.