بدأ اللبنانيون يشهدون نماذج من مخاضات سياسية واقتصادية ومالية لدى اركان السلطة والطبقة السياسية في معظمها مختلفة عما حفلت به الحقبة السابقة. ففيما تنتظر البلاد ما ستسفر عنه الجلسات الماراتونية لمجلس الوزراء في السرايا المخصصة لدرس الموازنة على ان تقر في صيغتها النهائية في جلسة أخيرة في قصر بعبدا الخميس المقبل، وفاجأ رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الرأي العام الداخلي صباح امس بقرار الفصل الحاسم بين الموازنة كلا، ومسألة بل أم المعضلات الكهرباء التي يبدو انها ستخصص بخطة منفصلة بما يعني موازنة رديفة منفصلة لئلا تتضخم نسبة العجز في الموازنة بما يزيد عن عشرة في المئة. وعكس موقف رئيس الحكومة ضمنا المعطيات التي تشير الى مناهضة وزارية واسعة جدا للاتجاهات التي كان وزير الطاقة يزمع المضي فيها للاكتفاء بالحصول على سلفة تقليدية للكهرباء من دون ربطها بالخطة الإصلاحية الجذرية الموعودة للكهرباء.وبحيب المعلومات التي توافرت لـ”النهار” فان اعلان ميقاتي من بعبدا امس الفصل بين الموازنة وملف الكهرباء سبقته أجواء سادت الجلسات الأخيرة لمجلس الوزراء في السرايا وأظهرت رفضا واسعا لاي استسهال بعد الان في معالجة كارثة الكهرباء بالسلف المالية علما ان بعضهم لم يأل عن توجيه انتقادات لاذعة الى وزير الطاقة والمياه وليد فياض من خلال القول بان ما نسمعه اليوم عن الكهرباء لا يختلف في شيء عما كنا نسمعه عام2011 بما يضمر ذلك من غمز من قناة وزراء "التيار الوطني الحر" المتعاقبين على وزارة الطاقة منذ ذلك التاريخ والنتائج التي افضت اليها سياساتهم. وبدا ان الاتجاه الجديد النهائي هو الى انجاز خطة مرحلية او بعيدة المدى تمول نفسها بنفسها للكهرباء ولا تحتاج الا الى دعم محدود قبل بدء وضعها موضع التنفيذ، وبعد وضعها منفصلة عن الموازنة تحال على مجلس الوزراء لاقرارها. وفهم ان الاجتماع الذي عقده ميقاتي عصر امس مع وزير الطاقة والمدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك خصص للبحث في هذه الخطة.وتخشى مصادر سياسية عبر "اللواء"، ان تتحول مشكلة السلفة المالية للكهرباء الى مسلسل تجاذب سياسي يطيل اقرار مشروع الموازنة في مجلس الوزراء، بعدما ترددت معلومات تفيد بأن وراء طلب السلفة من ضمن الموازنة، وزير الظل جبران باسيل الذي يرفض أن تكون ضمن خطة ومن خارج الموازنة، لكي لا تصبح رهينة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وتدخل ضمن الخلاف الحاصل بينه وبين الرئاسة الأولى.
وتتوقع المصادر ان يتصدر موضوع سلفة الكهرباء جلسة مجلس الوزراء المقبلة، إضافة إلى موضوع الدولار الجمركي، وان يستحوذ، كلٌّ منهما على حيز من النقاش المطول، نظرا للتعقيدات والخفايا التي تحيط بهما.وتخوفت المصادر من ان يؤدي هذا الوضع إلى تجاذب، وعقبات يضعها النائب باسيل تؤخّر إقرار موازنة العام 2022.وذكرت "البناء" ان خلافات تسجل حول عدد من البنود لا سيما بند سلفة الكهرباء والدولار الجمركي والضرائب، وسط اعتراض الوزراء المحسوبين على التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية على فصل سلفة الكهرباء عن مشروع الموازنة، فزار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قصر بعبدا والتقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لمحاولة تذليل بعض العقد قبل جلسة الخميس المقبل لتسهيل إقرار الموازنة.وعلمت "البناء" أن التفاوض بين الحكومة وصندوق النقد مستمر عبر تقنية الفيديو، لكنه لن يتوصل الى نتائج عملية قبل إقرار الموازنة مع الاصلاحات اللازمة في مجلسي الوزراء والنواب، على أن يربط تنفيذ اي اتفاق بإنجاز الانتخابات النيابية لكي يضمن الصندوق والجهات المانحة وجود مجلس نواب شرعي وحكومة اصيلة لاستمرارية الالتزام بالاتفاقات.