الفصل الثاني" من حرب العهد على حاكم مصرف لبنان لم يقل حماوة واثارة وشدّاً للأنظار عن الفصل الأول، اذ لم تمر 24 ساعة على تهديد النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون التي تتولى واجهة هذه الحرب بالادعاء على المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان حتى نفذت تهديدها. الادعاء على اللواء عثمان جرف الهجمة إلى موقع اشدّ خطورة لانه اثبت ان العهد ماض في مغامرة محاولة ارتكاب تصفيات لمواقع مالية وامنية، ولاحقا سياسية، لمن يعتبرهم خصومه في الدولة والسلطة في ما تبقى من عهده مستبقا بذلك الانتخابات النيابية بهذه الهجمة علّها تعوّم الأوضاع الانتخابية لتياره وتمنحه اسنادات شعبوية."وبرسم القاضي الأول فخامة رئيس الجمهورية"، وضعت القاضية غادة عون خطواتها القضائية، فاختصرت عون في بيانها مساءً المسافات وعكست من دون قصد حقيقة الصورة في مرآة قراراتها القضائية التي جنّدتها صراحةً في خدمة العهد العوني.وتحت هذا العنوان، قُرئت خطوة الادعاء العوني أمس على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان بتهمة منع دورية أمن الدولة من تنفيذ مذكرة إحضار حاكم المصرف المركزي رياض سلامة مخفوراً من منزله أمس الأول، وهو ما كان قد نفته مديرية أمن الدولة نفسها فضلاً عن وزير الداخلية ومديرية الأمن الداخلي... لكنّ أوساط سياسية رأت في مسار النهج المتصاعد في تسليط "مطرقة" القضاء وتسخيرها في "معارك تصفية الحسابات العونية، قضائياً ومالياً واقتصادياً وأمنياً، خطة ممنهجة خطيرة يرمي من خلالها العهد في آخر أيامه إلى هدم الهيكل فوق رؤوس الجميع، ليضع يده بيد "حزب الله" في سبيل تحقيق هدف تفكيك بنية الدولة وتقويض مؤسساتها الشرعية، كثمن لترسيخ الانصهار بين الجانبين في الاستحقاقات النيابية والرئاسية المقبلة".على الضفة المقابلة، فجّر الادعاء العوني على المدير العام لقوى الأمن الداخلي غضباً سنياً عارماً، أحرج رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ودفعه إلى التأكيد لرئيسة كتلة "المستقبل" النيابية بهية الحريري على أنه عازم على "متابعة الموضوع شخصياً مع وزير العدل ومدعي عام التمييز لوقف هذا التمادي بالاعتداء على مؤسسات الدولة وهيبتها وكرامات القيمين عليها"، مشدداً في هذا الإطار على أنه يرفض "تصرفات القاضية عون" وادعاءها على اللواء عثمان بوصفه "محض افتراء". أما "تيار المستقبل" فصب جام غضبه على رئيس الجمهورية، متهماً إياه بأنه "يفتح لحساب تياره عدلية خاصة تقف على رأسها غادة عون"، ومتوعداً "الرؤوس المدبرة في أروقة قصر بعبدا لإغراق البلاد في مزيد من الفوضى"، بأنّ محاولة النيل من المدير العام للأمن الداخلي "لن تمرّ"، علماً أنّ النائبة الحريري نبهت في اتصالها مع رئيس الحكومة إلى أنّ "الاستمرار في هذه التجاوزات سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه"، مستغربةً "السكوت المريب" عن ارتكابات القاضية عون "ومخالفاتها باسم القانون تنفيذاً لمآرب سياسية ونزوات شخصية"، وشددت على أنّ كتلة "المستقبل" لن تسكت عن هذه التجاوزات و"ستتابع القضية ضمن مختلف الأطر وصولاً إلى طلب جلسة مناقشة نيابية عامة لمساءلة وزير العدل عن الارتكابات التي تقوم بها القاضية عون.وصفت مصادر سياسية سيناريو "لـ اللواء" القاضية عون، بالادعاء على اللواء عثمان، من دون أي مسوغ قانوني، بانه ياتي ضمن الحروب الدينكشوتية للعهد والنائب جبران باسيل ضد من يعتقدون انهم من خصومهم السياسيين، في اطار تصفية الحسابات والمكايدة السياسية، وقالت: ان مثل الحروب، لن تؤدي إلى أي نتائج ولن تفيد العهد وتياره، باستنهاض الشارع العوني المبعثر على ابواب الانتخابات النيابية، وانما سترتد سلبا عليهم، لانه لم يعد باستطاعة رئيس الجمهورية، اجراء أي تشكيلات أو تعيينات ادارية أو أمنية بنهاية عهده، أو إعادة تلميع صورته امام الرأي العام بعد سلسلة الاحباطات والفشل الذريع بممارساته وسياساته.واعتبرت المصادر ان عون وتياره يراكمان الخسائر السياسية، بعد سلسلة من الخيارات والتصرفات الخاسرة بدءا من فشل التعديلات على قانون الانتخابات النيابية، وصفقة المقايضات الشهيرة بالتعيينات وملف ازاحة القاضي طارق البيطار، وتعذر الدعوة لعقد طاولة الحوار الوطني في بعبدا.وتوقعت المصادر السياسية ان يكون لسيناريوهات الملاحقات المفبركة على قياس العهد، ردود فعل عكسية، ونتائج سلبية ترتد على العهد وتزيد من النقمة الشعبية العارمة عليه.
