حبّذا لو إستفقنا على التهليل والتكبير في أوساط الشعب اللبناني - وربما كي لا نبالغ في أوساط جمهور "8 آذار" - لإعلان أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله أن حزبه "بات قادراً على تحويل صواريخه إلى صواريخ دقيقة وبدأ بتصنيع المسيّرات" وبتمسّكه بـ"حقّ المعارضات أن تأتي إلى لبنان للتّعبير عن رأيها".
لن نتوهم أي ترحيب في العالمين العربي والاسلامي، إذ أن نصرالله "غيفارا" العرب والمسلمين عقب "حرب تموز" 2006، سقط من وجدانهم منذ غزوة بيروت في 7 أيار 2008 لا بل تحوّل بنظرهم الى خطر على مجتمعاتهم وإستقرارها الامني والاجتماعي وأضحى كمصاب ببرص "الانعزالية" و"الفئوية" و"الفتنوية".
حبّذا… ولكن دقيقة قبل الحديث عن "الصواريخ الدقيقة" وقبل المسيرات والاصرار على جعل اللبنانيين مسيّرين لا مخيّرين وفق اهواء ومصالح محور الممانعة ووكيله في لبنان والمنطقة "حزب الله"، هل من يخبر نصرالله أن توازن الرعب مع إسرائيل "إرهاصات" للأسف ولا تعدو سوى ضجيج يتلاشى فوراً امام صخب أصوات الامعاء الخاوية!!!
أمام الجوع والفقر والبطالة وفقدان الدواء والاستشفاء، ما جدوى إمتلاكه آلاف "الصواريخ الدقيقة" كما يدعي. فتوازن الرعب يبدأ أولاً بخلق بنى تحتية وشبكة أمان إجتماعي قبل القدرات العسكرية. كم كنا نتمنى لو نستطيع تصديق نصرالله ولكن الحقيقة المرة هي الملموسة عند كل شهيق وزفير لدى اللبنانيين عموماً وبيئة الحزب خصوصاً.
الحقيقة المرّة، أن شعبنا وتحديداً في الجنوب متروك لقدره من حيث عدم بناء اي ملاجئ فيما "حزب الله" منهمك بحفر أنفاق لعناصره. أما إسرائيل فبدأت في بناء 600 ملج محصن على حدودها الشمالية ضمن المرحلة الأولى من خطة "درع الشمال" وفق ما اعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية في 20/9/2020.
الحقيقة المرّة، أن إسرائيل تحتل المرتبة 11 عالمياً في مؤشر السعادة وفق التقرير العالمي لعام 2021، بينما حلّ لبنان في المرتبة 123 من أصل 149 دولة. لقد اصبح شعبنا غارقاً في التعاسة بعدما أوصلتموه بالتكافل والتضامن مع "التيار الوطني الحر" الى جهنم التي بشرنا بها رئيس عون حيث شارككم في الدفع بهذا الاتجاه اللاعبون السياسيون الفاسدون الذين إما إستهابوا سطوة سلاحكم وإما إستفادوا منها لتغطية صفقاتهم.
الحقيقة المرّة، أن اسرائيل تحتل المرتبة 36 في مؤشر مدركات الفساد لعام 2021 وفق منظمة الشفافية الدولية فيما لبنان في المرتبة 154 من اصل 178 دولة أي هو في المرتبة 24 من حيث مستوى الفساد وهذا أدنى مستوى بلغه في تاريخه. بينما الاصلاحات البديهية عندنا معطلة وتكتفون بالتلويح بالملفات أمام الكاميرات كما فعل النائب حسن فضالله فيما شريككم "التيار الوطني الحر" منكب على إعاقة إنشاء الهيئات الناظمة وفي طليعتها الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وهو مصرّ على تفريغها من مضمونها عبر تحجيم صلاحياتها لمصلحة وزير الطاقة.
الحقيقة المرّة، أن إسرائيل تحتل المرتبة 28 في مؤشر الديمقراطية حول العالم لعام 2021 الذي نشرته صحيفة الإيكونومست، فيما لبنان في المرتبة 111 من بين 165 دولة في العالم وإنزلق من فئة الديمقراطية الهجينة إلى فئة الدول الاستبدادية. يطالب نصرالله بأن يكون لبنان منصة للمعارضة البحرينية واليمنية ويدعي الدفاع عن هوية لبنان في موضوع الحريات، وفاته أن ثقافة "السحسوح" التي ينتهجونها في البيئة الحاضنة للحزب موثّقة بالصوت والصورة وأن خطف شبلي العيسمي وغيره من المعارضين السوريين وتسليمهم الى نظام الاسد موثق أيضاً وأن قتل الشاب هاشم السلمان امام السفارة الايرانية بدم بارد ووجوه سافرة تكريس لديمقراطيتهم ولتقبل الرأي الآخر. كذلك فرض مفاهيمهم الثقافية ومعتقاداتهم الدينية ومنها على سبيل المثال لا الحصر منع بيع الكحول هو تكريس للحرية الشخصية!!!
الحقيقة المرّة، أن جواز السفر الإسرائيلي في المرتبة 23 وفقًا لمؤشر تقييم جوازات السفر Guide بحسب VisaIndex ويتيح إمكانية السفر والوصول من دون تأشيرة إلى 164 دولة، أما جواز سفر لبنان فيحتل المرتبة 100 ويتيح إمكانية السفر من دون تأشيرة أو الحصول على تأشيرة عند الوصول إلى 43 دولة فقط وهو أحد أقل جوازات السفر مرتبةً حول العالم.
الحقيقة المرّة، أن إسرائيل الدولة السابعة التي تصل الى القمر، فيما لبنان الدولة الاولى بسرعة الوصول الى جهنم.
إسرائيل في المركز الثاني في العالم للاستثمار في العلوم والتنمية، فيما لبنان غارق بالعتمة والانترنت أضحت في العصر الحجري.
إسرائيل تستقبل ملايين السياح، فيما لبنان يهجّر أبناءه ويذل سياحه في مطار بيروت.
إسرائيل تتمتع بمعدل اعمار 80.7 للرجال و 84.6 للنساء، فيما في لبنان تسرقون اعمارنا وتخطفونا سنواتنا وتهجرونا شبابنا.
هل نكمل عن تصنيف مؤشر الأمن الصحي العالمي ومؤشر المستوى التعليمي ومؤشر الغذاء ومؤشر البطالة ومؤشر الفقر ومؤشر النمو؟! هل نكمل؟!!
عسى الا تكون الصواريخ الدقيقة على شاكلة الصواريخ الايرانية التي اسقطت الطائرة الاوكرانية في مطلع العام 2020 وقضت على جميع ركابها!!!
عسى ألا تكون "المسيّرات" على شاكلة المسيرة الاسرائيلية التي إدعيتم إسقاطها بالحجارة في الضاحية في آب 2019!!!
عسى ألا تدخلوا لبنان في مغامرة غير محسوبة عسكرياً لكن ربما محسوبة سياسياً، وتكرروا بعدها قولكم "لو كنت أعلم" كما خلال "حرب تموز"!!!