منذ حوالي السنة، وتحديداً في ١٢ نيسان ٢٠٢١، وقّع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ووزيرا الدفاع زينة عكر والأشغال العامة والنقل ميشال نجار على مشروع المرسوم المتعلق بتعديل المرسوم رقم 6433 تاريخ 1/10/2011، وتمّت إحالته الى رئيس الجمهورية ميشال عون، وهو المرسوم الذي يحدّد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان من الجهات الجنوبية والغربية والشمالية، وينص على إمكانية مراجعة وتحسين حدود هذه المنطقة،
وشمل هذا التعديل إضافة الى ال 1430 كلم٢ للبنان من حدوده البحرية المشتركة مع الإحتلال الإسرائيلي، ليصبح بذلك حجم المنطقة المتنازع عليها 2290 كيلومترا، وكان ذلك استجابة لإقتراح التعديل الذي أصرّ عليه الجيش اللبناني للتفاوض على أساسه، ولكن الموافقة من الرئيس عون لم تحصل. وللعلم فإن لبنان قد تسلّم، تحديدا في ٱب 2011، من مكتب بريطاني مختص دراسة إستشارية علمية قانونية وفنية، تؤكّد أنّ للبنان الحق بمساحة 2290 كلم٢ زيادة على المساحة التي حدّدت له بمشروع اتفاقية مع قبرص. ومن هنا تبدأ الشكوك في أسباب " تجاهل" الدراسة البريطانية التي كان قد طالب فيها لبنان، وتنسحب الشكوك أيضا على أسباب إعلان الرئيس عون، عن أن حق لبنان هو بخط ٢٣ بدلا عن خط ٢٩، في إزدواجية واضحة في ٱرائه حول هذا الموضوع منذ بدء المفاوضات حتى اليوم، وهذا ما يؤكده الوفد المفاوض من الجيش اللبناني، كما تؤكده أيضاً مصادر مطلعة لموقع LebTalks ، مستغربة كيف بدّل الرئيس عون رأيه بهذا الموضوع، وإعتبرت أن التفسير المنطقي الوحيد هو وجود إتفاق سياسي ينص على التنازل عن خط ٢٩، مقابل إلغاء العقوبات الأميركية عن الوزير السابق جبران باسيل وتخفيف "النقمة" الأميركية - الخليجية على الأخير، لزيادة حظوظه للوصول الى سدة الرئاسة.
وفي المنحى الٱخر، تؤكد المصادر بأنّ الخط ٢٣ ومن منطلق علمي وتقني ليس موجوداَ أساساً، ولا يمكن تحديد الحدود على أساسه، لأنه لا ينطلق من قاعدة برّية بل يبعد 64 مترا عن الشاطئ اللبناني، كما أن خط ١ أيضا يبعد 32 مترا عن الشاطئ، ما لا يمكن قبوله في أي مقر أو محكمة أو حتى من قِبل الأمم المتحدة، لذا على خط الترسيم أن يبدأ حكماً من قاعدة برّيّة، وهذا ما يجعل خط ٢٩ الأدق للترسيم على أساسه.
وعلى الصعيد الداخلي، يُسحَب الملف من يد الجيش اللبناني والوفد، الذي ضمّ مجموعة كبيرة من الخبراء، واستند الى خبرات كبيرة ويُسَلّم إلى السياسيين، ما سيزيد التخبّط الداخلي اللبناني في هذا الملف، والافتقاد الى القرار الواحد في البلد، فتغيب أو تُغَيّب الشفافية مع المواطنين تجاه حق لبنان، و كيفية مسار المفاوضات والأسس التي يتم الإستناد عليها، كل هذا وأكثر يريح الإحتلال الإسرائيلي في هذه العملية، ومن شأنه أيضا أن يُخسّر لبنان كمية كبيرة من حقوقه البحرية، لذلك، حان الوقت لكي يكشف الوفد العسكري عن كل مفاوضاته التي تمّت مع الاحتلال الإسرائيلي في المرحلة السابقة حتى اليوم، لكي يعرف اللبنانيون مَن الذي يتنازل عن حقهم، ولماذا تتم كل هذه المماطلة والغموض والتخبّط في هذا الملف بالتحديد؟!
