"لم نكن جاهزين لاستعادة هذه المشاعر " كان لسان حال كل من شاهد سلسلة مسرحيات "أربعة أمتار مربعة للتحدّث" التي تُعرَض على خشبة مسرح دوار الشمس في بيروت، والتي تساهم أولاً في إعادة للمسرح رونقه الخاص، ويعمل ثانياً على استخراج كافة المشاعر الدفينة في قلب الجمهور الذي عانى الأمرين خصوصاً في انفجار ٤ آب الذي تتناوله المسرحيات الثلاث ، ضمن هذه السلسلة التي يستمر عرضها حتى نهار الأحد ٢٧ من الشهر الجاري بعدما تم تمديد نهار إضافي للعرض الذي بدأ من ٢٣ الشهر وذلك لكثافة الحضور الذي يؤكد أن بيروت وأهلها إشتاقوا للفن والإبداع والتعبير، خصوصاً وأن الاداء والإخراج لهذه السلسلة كان من قِبل شباب وشابات موهوبين يسعون لإخراج ما في قلوبهم وعقولهم وتقديمه في إطار إبداعي.
وما ميّز هذه المسرحيات أنها إقتصرت على شخصيتين في كل مسرحية تتمحور حولهما وفيهما القصة.
وللحديث عن هذه التجربة، وخصوصاً عن مسرحية "أنا"، تقول مخرجة وكاتبة المسرحية نور سعد في حديث لها عبر موقع LebTalks أن الأمر بدأ في مسابقة لجمعية "شمس" للكتاب في لبنان ومن أصل 26 مشارك فاز 3 مشاركين هم الذين عرضت مسرحياتهم مشيرةً إلى أن المواضيع وعدد الشخصيات كان محدودا بين الحديث عن فيروس كورونا، إنفجار ٤ آب أو ثورة ١٧ تشرين، وكان المطلوب شخصية أو اثنتين فقط لكل عرض، "وهذا ما جعل التجربة أكثر منافسة وقوية إذ كل منا أعطى ما لديه من مشاعر في هذه الأعمال تجاه كل ما يحدث في البلد من خلال الكوميديا السوداء التي أثرت فعلا في أغلب الجمهور الذي حضر حتى الآن، وأعطتنا المساحة الكافية للتعبير عن مشاعرنا الحقيقية التي دُفِنَت من ساعة إنفجار المرفأ حتى اليوم".
وعن مسرحيتها "أنا" تشرح سعد أن "المشاهد العفوية التي ظهرت في المسرحية كانت لتجسيد المشاعر المتناقضة التي نمر فيها عند وقوع المصيبة، وهي في مكان ما تساعدنا على استعادة الإيمان الذي بإمكانه أن يخف عند تعرضنا لفقدان شخص عزيز، وهذا ما يحدث مع شخصية رانيا في المسرحية".
وتضيف أنها حاولت في كتابة المسرحية وفي إخراجها "المحافظة على الدوافع التي تُعطي للجمهور حرية التفكير فيما قد يحصل خصوصاً بما خص مشهد تزعزع الإيمان الذي ظهر مع "رانيا""، باعتبار أن المسرحية تحاول تسليط الضوء على أنه من الممكن في كل بيت تضرر معنوياً أو مادياً من انفجار مرفأ بيروت أن يكون هناك شخص يعاني على طريقته وكلٌّ وفق شخصيته، "وهذا ما يساعد في دراسة الشخصية، لأن شخصية "رانيا" تمر في حالة من الضعف لكونها باتت وحيدة والشخص الوحيد الذي اختارته، خسرته دون سابق إنذار".
"كانت فشة خلق" تختم سعد، كما كان وسيكون دوماً المسرح، يخرج من قلوبنا وأفكارنا كل المشاعر التي نغلق عليها أبواب كي لا تعود وتؤذي، يخرجها المسرح والإبداع بأروع طريقة، لذلك فالتحية كبيرة للقائمين على هذه الأعمال والتحية الأكبر للشباب الموهوب الرائع الذي لن ييأس بعد والذي يحاول بكافة الطرق الإستمرار ومحاولة المساعدة كلٌّ على طريقته.