سجلت الساعات القليلة الماضية ٣ تطورات لا تصب في مصلحة موسكو : الاول امتناع الصين عن التصويت في مجلس الامن والصين واقعة في تناقض بين ما تنادي به من حق الشعوب في تقرير مصيرها وبين اقدام حليفها على غزو دولة اخرى والصين الساعية لكسب العلاقات الاقليمية والدولية على قاعدة الاحترام المتبادل لسيادة الدول واستقلالها لا يمكنها مناقضة نفسها بدعم حليفها الذي يخرق القانون الدولي ويلجأ الى العنف - الثاني موقف الرئيس التركي الذي وعلى الرغم من انفتاحه على روسيا وشرائه صواريخ اس ٤٠٠ منها لاغاظة حلفائه الاطلسيين وبخاصة الولايات المتحدة يصطف حاليا الى جانب حلفاء الاطلسي ويبحث في اقفال مضيق الدردنيل بوجه الاسطول الروسي ويتباحث مع الرئيس الاوكراني في ذلك - والثالث موقف رئيس الوزراء الهنغاري القومي المتطرف فكتور اوربان والذي فاجأ الجميع بموافقته على العقوبات ضد روسيا وامن اجماعا اوروبيا قل نظيره .كل هذا معطوفا على توحد الاوروبيين حول العقوبات وتدفق السلاح والمال الغربي على اوكرانيا وتحولات مواقف المانيا وايطاليا الخارجتين من تحفظاتهما حيال التشدد ضد بوتين فيبدو انطلاقا من تلك التطورات ان الرئيس فلاديمير بوتين ساهم مساهمة مباشرة في توحيد واحياء الاطلسي الذي كاد يتحلل في السنوات الاخيرة كما وفي شد عصب الاوروبيين لدرجة انضمام بريطانيا مجددا لعقوبات الاتحاد وتوحيد الجهود مع شركائها الاوروبيين لمواجهة الغزو الروسي متناسية خروجها من اوروبا .فهل يتغير مشهد الحرب؟هل يكون الرئيس بوتين من حيث يدري او لا يدري المروج الابرع للنموذج الغربي المختلف عن نموذجه ؟ وهل يمكن ان يكون قد ساهم من خلال حرب اوكرانيا في اعادة احياء زعامة واشنطن وتعويم الرئيس بايدن حامل عار الانسحاب الكارثي من افغانستان والمهرول لاتفاق نووي فاعاد وهج قيادته العالم الحر ؟
هل يكون للنموذج الذي يقدمه الرئيس بوتين في اوكرانيا مفعولا عكسيا عليه وعلى فكرة النموذج الشرقي الذي يدغدغ بعض العرب والمتأيرنين ؟ ( المؤيدين لايران في المنطقة ) في زمن العولمة ووسائل التواصل والنيو ليبرالية من من الشعوب حتى الاكثر التصاقا بتاريخ الجدار الحديدي وحقبته يمكنه ان يطمئن الى مثل هذا النموذج الرجعي؟وهل سيكون الرئيس بوتين الورقة التي احرقت نفسها على طاولة التجاذبات بين معسكر اميركا ومعسكر الصين لتجربة الصراع وضرورات المنازلة ؟
ماذا لو وقع الرئيس بوتين هذه المرة ورغم ذكائه في فخ واشنطن بجره الى مستنقع الحرب من بوابة اوكرانيا وقد صحت كل توقعات ومعلومات الرئيس بايدن واستخباراته بدخول بوتين اوكرانيا وتوعدهما بحرق ورقته نهائيا في سياق اشمل متعلق بالمواجهة مع الصين ؟ فهل امتناع الصين عن التصويت لصالح بوتين في مجلس الامن مؤشر على استشعار بيجين هذا الفخ الذي قد يكون حليفها الاول بوتين قد وقع فيه بتهور فرفضت مجاراته لمحاولة التصدي للمقصد الاميركي ومخططات واشنطن القضاء على صورة المحور الشرقي واسقاط هيبة هذا المحور امام العالم بفضح رجعيته وتخلفه وعجزه عن التقدم مع العصر ومواكبة التطور والحداثة ؟
لننتظر ونرى ما بعد سقوط كييف وربما قبل سقوطها ان طال الامر لحسم المعركة .