تعليقا على الاخبار حول التشويش الحاصل على زيارة البطريرك الراعي الى مصر من قبل حزب الله والعهد في الفاتيكان نقول بانها ليست المرة الاولى التي تصطدم براغماتية الغرب عموما والفرنسيين والفاتيكان خصوصا بواقع وحال الملف اللبناني اذ وعلى الرغم من وسع اضطلاع تلك الدول وتعمقها في حساسيات الملف الا ان براغماتيتهم توجههم نحو الخيارات السلمية والدبلوماسية تماما كما هو حاصل اليوم في اوكرانيا حيث براغماتية الغرب المتمثلة بالعقوبات والدعم المادي والعسكري لكييف تعجز الى الان عن كبح جماح الرئيس بوتين صاحب نظرة استخدام العنف في العلاقات الدولية والسائر في مواجهته حتى النهاية .
تماما كما اوكرانيا كذلك لبنان حيث النظرة الى معالجة الملفات تنقصها واقعية الحالة المعاشة اذا صح التعبير وحيث الاختلاف الكبير بين الحسابات الغربية والحسابات اللبنانية المحلية .
فهل من داعي على سبيل المثال التذكير كيف ان الغرب مع بداية الحرب الاهلية في لبنان ارسل اساطيله لاجلاء المسيحيين؟ وعام ٢٠٠٥ كيف كان الغرب ينصح اللبنانيين بنسيان المطالبة بالانسحاب السوري من لبنان ؟
الم يقل الرئيس امانويل ماكرون لرؤساء الاحزاب السيادية التي التقاها في بيروت غداة انفجار ٤ اب : تطالبون بتسليم حزب الله سلاحه منذ فترة طويلة فهل نجحتم ؟ فحزب الله حزب لبناني ولديه ممثلين في البرلمان اللبناني ….
نعم انها براغماتية الغرب والتي يضاف اليها النهج السلمي المسالم للفاتيكان طبيعيا لان الكرسي الرسولي لا يستطيع التشجيع على الحروب والمواجهات العسكرية واستخدام العنف .
لكن بين براغماتية الغرب عموما والفرنسيين خصوصا وسلمية ديبلوماسية الفاتيكان الا يسجل الطرف الاخر اهدافه في مرمانا من خلال استغلاله لتلك السياسات وقضم النظرة السيادية التي يمثلها اليوم خير تمثيل غبطة ابينا البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي لطالما كان وسيبقى رجل الحوار الاول - فنظرة سريعة الى ماضيه الوطني تكفي لاستذكار كم كان نهجه الحواري احيانا يساء فهمه وتفسيره - فهل من يزايد عليه اليوم في كونه رجل الحوار الاول والمسؤول والموزون والوطني ؟ لكن المشكلة ان من نحاورهم لا هم للحوار البناء ولا هم مستعدين للتفاهم والتنازل من اجل ما هو مشترك بين اللبنانيين وقد غرهم فائض القوة الى حد محاولة الاطاحة والاستلشاء بالمقامات السامية والمرجعيات الوطنية التاريخية وفي مقدمتهم بكركي وسيدها .
فهل يفهم الغرب والفاتيكان ان المهادنة مع هذه الفئة من الناس تفسر دليل ضعف ؟ وهل يفهم الغرب والفاتيكان ان الاصرار على الحوار هو كلحس المبرد يرتد وبالا على لبنان لانه مضيعة وقت فيما البلاد باتت في خبر كان ؟ وهل يفهم الغرب والفاتيكان ان حزب الله وان كان مكون من لبنانيين الا انه وبصراحة كلام امينه العام لواء في فيلق القدس وجيش ولاية الفقيه في لبنان ؟
طبعا مع كل المحبة والاحترام والاجلال للكرسي الرسولي الا ان الاختلاف وليس الخلاف يجب اظهارهما دون خجل لتصحيح الاختلال لا طمسه ودفن الرأي في الرمل .
نقول قولنا هذا مجددين شكرنا وتقديرنا لكل ما يقوم به الكرسي الرسولي للبنان واللبنانيين ومؤكدين على العلاقة التاريخية بين الفاتيكان ولبنان والتي لن يقوى اي كان على افسادها . فان كان ثمة اختلاف فامر طبيعي لكنه لا يمكن ان يتحول الى خلاف .