في الأمتار الأخيرة من السباق الرئاسي نحو قصر الإليزيه، وقبل فتح صناديق الإقتراع صباح غدٍ الأحد أمام الناخبين الفرنسيين ضمن الدورة الثانية، تبدو فرنسا وهي الدولة العظمى في السياسة الدولية أمام خيارين ومشروعين ونظريتين مختلفتين تظّهرت كلها في خطاب مرشحة اليمين المتطرّف مارين لوبان والرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون.
إستطلاعات الرأي على مسافة ساعات قليلة من الإستحقاق الإنتخابي أظهرت تفوّقاً للرئيس ماكرون على منافسته، وإن إختلفت حول فارق هذا التفوّق، فالأرقام الإستطلاعية تتحدث عن نسبة ٥٧،٥% لصالح ماكرون مقابل ٤٢،٥% للوبان التي، وبإصرار لا يتوقف وعلى مدى أعوام، رسمت خططاً إستراتيجية حوّلت فيه حزب " التجمع الوطني" الذي ترأسه منذ العام ٢٠١٨ الى رافعة لحزب يميني متطرّف " بنسخة جديدة" (nouvelle édition).
في خطاباتها الأخيرة، خالفت لوبان ما عُرفت به في السابق مسجّلة "، تكويعة" لافتة تمثّلت في تخفيف لهجة "الشراسة"، على الأقل على مستوى الخطاب العام أمام الناخبين الفرنسيين خصوصاً ودول أوروبا عموماً.
توقّفت لوبان عن مهاجمة المسلمين والإسلام الذي إعتبرته في إطلالاتها الإعلامية الأخيرة أنه "يتماشى مع الجمهورية" بحرفية ما قالت، كما تراجعت عن مهاجمة المهاجرين الى حدٍ أنها، وللمفارقة، دافعت وترافعت كمحامٍ عن مهاجرين غير شرعيين، والخطوة الأهم قد تكون تراجعها عن دعوة فرنسا للخروج من الإتحاد الأوروبي وإنهاء التعامل بالعملة الموحدة اليورو.
إستطلاعات التفوّق في الأمتار الأخيرة لا تعني حكماً الفوز المؤكد، فصناديق الإقتراع، على جري عادتها، تحمل مفاجآت، فهل ستتمكن وريثة " أيقونة اليمين المتطرّف" من قلب المعادلة التي سترسمها نتائج الصناديق الفرنسية غداً؟ إنه لقريب.
