هل تقع الحرب العالمية الثالثة ؟

جميع_دول_العالم_وعواصمها

بعد مضي أكثر من شهرين على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، بدأت التطورات تأخذ منحى وتصعيداً أكثر خطورة بحيث يتساءل البعض اذا كانت الحرب الدائرة هناك محصورة بأوكرانيا أم أننا نتجه، أو أن العالم أصبح في مكان أكثر خطورةً وتهديداً للأمن الدولي .

عندما دخل الرئيس بوتين أوكرانيا تحت شعار “العملية الخاصة”، أعلن صراحة أن دخوله الأراضي الأوكرانية هو لحماية المقاطعتين الحدوديتين من الدونباس الأوكراني ذات الغالبية الروسية،

حينه كان هناك إمكانيات التوصّل الى تسوية للمنطقتين لمّح اليها حتى الرئيس الأوكراني فولودومير زيلنسكي في فترة من الفترات .

الا أن الروس وبعد أيام حاصروا العاصمة كييف وكانوا على قاب قوسين أو أدنى من دخولها، فضلاً عن توسّع العمليات الروسية من تقدّم وقصف في الجنوب وشمال الحدود مع بيلاروسيا .عندها، وبخطأ حسابات أو تقدير مشترك من الطرفين، هبّ الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو للمساعدة على التصدي للتمدّد الروسي داخل الأراضي الأوكرانية فاتسعت رقعة الحرب ومعها بدأت تتسع أحجام التدخلات الغربية والدعم الغربي لحكومة كييف وجيشها .موسكو تعتبر أن عملياتها العسكرية في أوكرانيا من قبيل حماية أمنها القومي، وهو شعار لطالما اعتمدته، في العلاقات الدولية، الدول المجاورة لدول أخرى تعتبرها مصدر تهديد لها بمجرد هذا التقدير، مثال ذلك الصواريخ الروسية في كوبا وتايوان بالنسبة للصين، وحتى على المستوى الإقليمي في الشرق الأوسط لبنان بالنسبة لسوريا أيام الرئيس حافظ الأسد واللائحة تطول .لكن ومن دروس التاريخ أيضاً نستقي أن المضي في هذا المنطق يضرب بالنهاية السلم العالمي أن أعطت كل دولة لنفسها الحق في غزو دولة جارة لها بمجرد تقديرها بأنها تشكل تهديداً لأمنها القومي، فأين يُصبح العالم عندها وسط فوضى مدمرة لن ينجو منها حتى الذين أرادوا إبعاد التهديد عنهم .أمامنا أمثلة قريبة في التاريخ مثل هتلر وموسوليني وما أدت غطرستهما اليه من مآسٍ عالمية .بالأمس حفلت وسائل الإعلام الروسية الرسمية برسائل التهديد، والحديث عن حرب عالمية ثالثة، وفي نفس الوقت حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الغرب وبخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا من اندلاع حرب عالمية ثالثة إن استمروا في التجييش وتسليح الأوكرانيين بما يؤدي ذلك الى اعتبارهما أطراف مشتركة في الصراع سترد موسكو عندها بالمناسب، وبالأمس أيضاً أعلن الرئيس الأميركي جو بابدن عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لكييف بقيمة ٣٣ مليار دولار، مرفقاً إعلانه بتصريح عالي النبرة حذّر فيه موسكو من أن الغرب والولايات المتحدة لن يسمحا للرئيس بوتين بالسيطرة على أوكرانيا مهما كلًف الأمر .

رب قائل إن وراء كل هذا الكم من المواقف التصعيدية مناورات سياسية للضغوط المتبادلة وقد يكون هذا صحيح أقله الى الآن لكن الأكيد ما يلي :إن موسكو ليست مستعدة للهزيمة في أوكرانيا والغرب والناتو الذي عُقد اجتماع وزراء دفاعه الأربعين منذ أيام في المانيا لتنسيق الدعم العسكري لأوكرانيا ليس مستعداً لهزيمة أوكرانيا، وبالتالي لهزيمته هو الداعم العسكري المباشر لكييف والولايات المتحدة لا يمكنها أن تخسر هيبتها المتزعزعة أصلاً منذ الإنسحاب الأميركي الكارثي من أفغانستان ومنحى سياستها الإقليمية الضعيفة تجاه إيران في الملف النووي، والإنكفاء الاستراتيجي عن مناطق الصراع، وبالتالي تسعى واشنطن لشد أزر الأوروبيين والأوكرانيين، ولا الاوكرانيون مستعدين للهزيمة في مواجهة جيش بوتين، وقد نمت الأحقاد بين الأوكرانيين والروس بحيث بات من الصعوبة بمكان القبول بالروسي كجار ثقة، وبالتالي هم سائرون في المقاومة والمواجهة حتى النهاية، لنضيف على كل هذه العوامل الإنعكاسات والتداعيات الإقتصادية والمالية العالمية وأزمات الغذاء والنمو التي بدأت تثقل بأرقامها المخيفة كاهل العالم .أما زيارة أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الى كل من روسيا وأوكرانيا فقد جاءت لتؤكد أن الوضع جلل والتوتر الدولي على أشده وانعكاساته الدولية على سائر الملفات الساخنة على الساحة الدولية باتت جلية كما في الشرق الأوسط، والرسالة الصاروخية الروسية على إحدى شوارع كييف في لحظة انتهاء المؤتمر الصحفي المشترك لأمين عام أعلى منظمة دولية حيث لروسيا مقعدها من بين الدول الخمس الدائمة العضوية والرئيس الأوكراني زيلينسكي، جاءت لتؤكد تصادم منطقين متصارعين في أوكرانيا دولياً بين من يغزو دولة جارة له ذات سيادة ومن يريد منع الآخرين من مساعدتها على الصمود والمقاومة وبين تكتل غربي تزداد وتيرة دعمه العسكري والسياسي لأوكرانيا بما يتجاوز الحد الفاصل بين مجرد المساعدة والدعم والتورط المباشر في مواجهة روسيا.

الوضع في هذه المرحلة مفتوح على شتى التطورات والإحتمالات وإن كانت المؤشرات الغالبة تميل نحو حتمية وقوع مواجهة دولية نووية إن استمر التصعيد المتبادل بين كافة الفرقاء واللاعبين المعنيين .والأمر الآخر الأكيد هو أن أية مواجهة أو نزاع دولي إن وقع، فإنه لن يوفر أية منطقة من مناطق الصراع الدولي، إن في تأثيراته المباشرة أو غير المباشرة،فالشرق الأوسط سيتلقى بلا أدنى شك حصته من هذا الصراع حيث سينعكس الصدام الدولي توتيراً بين معسكرين شرقي وغربي في المنطقة، وإن بدت حالياً بعض السياسات الإقليمية وبخاصة العربية والخليجية أكثر براغماتية من ذي قبل، الا أن القوى الميليشياوية المدعومة من إيران قد تستغل الظروف المشتعلة لمحاولة فرض أمور واقعة في المنطقة وبخاصة في الدول التي تحتلها كلبنان الذي أمامه “قطوعين” أساسيين، لا بل امتحانين أساسيين : إنتخابات نيابية وإنتخابات رئاسية وما بينهما صولات وجولات للشياطين.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: