“الثقة بالقضاء لا يجوز أن تهتز، فمتى اختلّ ميزان العدالة ضاعت حقوق المتقاضين وسادت شريعة الغاب”، غرّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في يوم القضاة الشهداء. لكن أيعقل ألا يدري فخامته أن الثقة مفقودة في بلادنا بالسلطة الحاكمة التي هو رأس هرمها وتالياً بكل السلطات وبأن “شريعة الغاب” سائدة دون خجل أو وجل؟!
حين يسقط اكثر من 220 ضحية و10 شهداء من فوج الاطفاء والاف الجرحى وتتدمر العاصمة بيروت في إنفجار نيترات امونيوم رابضة في المرفأ في 4 آب 2019 ويُعرقَل عمداً مسار التحقيق القضائي ولا تتكفل الدولة جدياً بالعلاج المستدام للجرحى، وحين يترشّح مطلبون للعدالة الى الانتخابات النيابية ويفوزون، ألسنا في شريعة الغاب؟!
حين تُعرقل التشكيلات القضائية و”يتفرعن” قضاة على الملء بعلاقتهم الشخصية بك كالقاضية غادة عون، حين لا يتورّع “السلطان سليم” في عهدك بالاتصال بالقضاة والتمني عليهم، حين تكون الاخبارات المقدمة للقضاء بعضها بثمن وبعضها بزيت، حين يبقى موقوفون دون محاكمات لسنوات أو تكتظ بهم السجون ولا يتمتعون بأبسط حقوق الانسان، ألسنا في شريعة الغاب؟!
حين يعتدي مئات المسلحين على السكان الامنين في احيائهم خلال غزوة عين الرمانة فيتم توقيف المعتدى عليهم أو يلاحقون فيما يسرح ويمرح المعتدون، حين يهّول بعضهم على الجيش لدى قيامه بواجبه كما يجري في مداهمات الشراونة في بعلبك وبعض البلدات، ويطلق الوكيل الشرعي للامام الخامنئي ورئيس الهيئة الشرعية في “حزب الله” الشيخ محمد يزبك تهديداً مبطناً بوجه الجيش مشيداً بعدم تصدي العشائر له، ألسنا في شريعة غاب؟!!
حين يهز انفجار بلدة بنعفول في قضاء صيدا موقعاً قتيلاً وعدد من الجرحى ومهدّماً مبنى بالكامل ومتسبباً باضرار مادية عدة، وتَمنع قوى الامر الواقع السلطات الامنية والعسكرية من الحضور في ساحة الجريمة ولا يصدر اي بيان رسمي بهذا الصدد، حين يضع بعضهم يده على املاك الاخرين ولا تجرؤ القوى الامنية على ردعه وتنفيذ أحكام قضائية بحقه، ألسنا في شريعة الغاب؟!!
حين يتلاعبون بسعر صرف الليرة مقابل الدولار فيتراوح صعوداً ونزولاً بقيمة 10 الاف ليرة خلال ساعات، حين يرفع التجار الاسعار من دون حسيب او رقيب ولا يعيدون النظر فيها متى إنخفض سعر الصرف، حين تمرّ سنتان ونصف السنة من دون وضع Capital Control ويترك كل مصرف يذل عملاءه، ألسنا في شريعة الغاب؟!!
حين يموت لبنانيون في بيوتهم جراء عدم قدرتهم على الاستشفاء، حين تكون ادوية الامراض المزمنة والمستعصية كالسرطان مفقودة من الاسواق ومقطوعة في وزارة الصحة، حين تؤجّل عمليات جراحية جراء فقدان مستلزمات طبية ومادة “البنج”، حين يترك لكل مستشفى ان تفرض الدفع المسبق Depost الذي تريده لدى دخول المرضى، ألسنا في شريعة الغاب؟!!
فخامة الرئيس إنها شريعة الغاب وشريعة فائض القوة، إنه زمن الحقوق الضائعة والثقة المفقودة، وكثيرة هي الاشياء التي لا تجوز.