الفراغ الرئاسي وأزمة الحكام

بعبدا (1)

بقلم عبدو راجحة

بات لبنان على قاب قوسين من الإنتخابات الرئاسية ومع اقتراب هذا الاستحقاق زادت التحاليل السياسية والسيناريوهات التي يمكن أن تحصل، وفي الحقيقة الأمور مفتوحة على مصراعيها وكل الاحتمالات واردة أن تحصل. لكن التحليل الأكثر رواجًا في الآونة الأخيرة هو إمكانية إتجاه الأمور إلى فراغ رئاسي طويل بالإضافة إلى الفراغ الحكومي ومن ثم الذهاب إلى دوحة ثانٍ ومؤتمر تأسيسي أي تغيير كامل للنظام السياسي في لبنان، بالأخص بعد ورود معلومات عن تحضير فريق رئيس الجمهورية اجتهاد دستوري مفاده عدم إمكانية تسليم الرئاسة وإعطاء صلاحيات الرئيس إلى الحكومة لأنها مستقيلة، بالمقابل تحضير فريق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اجتهاد ثانٍ يتيح انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية إلى الحكومة حتى لو كانت مستقيلة. إذًا يبدو أن الأمور ذاهبة نحو وضع العراقيل أمام إعادة إنتاج السلطة والترويج لاحتمال الذهاب إلى مؤتمر تأسيسي وتغيير النظام هو إما عن قصد وإما عن قلة معرفة.

فمن المستفيد من تغيير النظام؟ وهل مشكلة لبنان هي مشكلة نظام أم مشكلة أشخاص؟

إذا ما استحال إيصال رئيس موالي للسلطة الحاكمة وبعد الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يمر بها الشعب اللبناني أفضل طريقة للتنصل من المسؤولية ومن العقاب هي بإلقاء اللوم على النظام بعد عرقلته وتجميده دستوريًا بحجة طائفية من هنا وحجة صلاحيات من هناك مع تعاون وتضامن كل أركان السلطة الحاكمة وكلٍ من موقعه، عندها يصبح النظام هو من تسبب بالأزمة وليس الحكّام ولا يعاقب أحد والأهم يحافظ من هم في السلطة على مراكزهم ومواقعهم. نظام لبنان هو على الورق نظام برلماني لكن التطبيق كان تطبيق مشوه لأن الدستور لم يطبق وفق ما تحدد في النصوص، لقد طغت في الممارسة التوازنات الطائفية على الأصول والقواعد البرلمانية بالإضافة إلى التسويات والمحاصصة ومخالفة مبدأ فصل السلطات، لذلك في التطبيق أصبح النظام اللبناني بين المجلسي والبرلماني وطغت الديمقراطية التوافقية على الحياة السياسية، فلو طبق أهل الحكم الدستور بحذافيره مع أبسط بنوده لكان الوضع في لبنان أفضل بكثير. "ليس للقانون الدستوري أي ضابط سوى حسن نية وصدق الرجال الذين يطبقونه" هذا ما قاله العلامة الدستوري دوغي، فلو أتينا بأفضل نظام موجود في علم السياسة ولكن لم نغيّر الحكّام لن نجد من يطبق هذا النظام وستبقى الأزمة مستمرة.

إذًا مشكلة لبنان مشكلة أشخاص وليست مشكلة نظام على أمل أن تتحمل الأكثرية النيابية الجديدة مسؤولياتها أمام ناخبيها بتضافر الجهود منعًا للوصول إلى فراغ رئاسي فتوحد المساعي للإتيان برئيس جديد قادر على إخراج لبنان من جهنم الذي يقبع فيه.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: