نظراً لطبيعة لبنان السياسية المتميزة بالتناحرات والخلافات الحزبية والطائفية والمذهبية والمناطقية منذ عقود من الزمن، مرّت خلالها حروب لم تنته مفاعليها بعد، لتعود الاستحقاقات المصيرية الى إيقاظها من جديد، واليوم ومع إقتراب الانتخابات الرئاسية، ومنعاً لعودة الانقسامات وتداعياتها، يستمر البحث عن رئيس هادئ وسطي وفق القرارين الخارجي والداخلي، أي رئيس بعيد كل البعد عن التحدّي، حيادي وغير حزبي، وهذه الصفات اطلقها البطريرك بشارة الراعي وكرّرها مراراً، لكنها لم تعجب البعض الذي وجّه له الانتقادات، فيما البعض الآخر وافق عليها لانها الضمانة للبنان المتشعّب من كل النواحي، وبدأت تباعاً المواقف المؤيدة بالظهور، من ضمنها رئيس الحزب " التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، الذي يسير منذ فترة على الخط الوسطي، ويشدّد على ضرورة إنتخاب رئيس وسطي، خصوصاً انّ الاسماء المرشحة هم رؤساء احزاب أي اقطاب، يشكلون إستفزازاً لبعضهم، ولا يملكون حظوظاً لتولّي هذا المنصب.
وفي سياق مختلف، افيد بأنّ وساطات بالجملة تجري منذ ايام، من قبل الفريق المحسوب على خط 8 آذار، وفي طليعتهم الرئيس نبيه برّي، الذي يعمل على تقريب وجهات النظر السياسية بين فرنجية وجنبلاط، لعقد اجتماع يؤدي الى التفاهم، لان برّي من اول المؤيدين للحليف الدائم فرنجية لتولّي الرئاسة، لكن لغاية اليوم يبدو اللقاء صعباً خصوصاً انّ موقف جنبلاط بات معروفاً، لانه يريد الابتعاد عن المرشح الحاد، ومن يطالب بوصول رئيس كالراحل الياس سركيس، يعني انه يعمل على الحوار والهدوء وليس التشنج.
الى ذلك دخل ايضاً على خط بنشعي - ميرنا الشالوحي وسطاء جدد من المقرّبين، علّهم يكملون مصالحة حارة حريك، لكن هذا الغزل لم يستمر طويلاً، ولم تتم متابعته كما يجب، والجهود فشلت لعقد لقاء جديد بينهما، على الرغم من الزيارة التي قام بها قبل فترة النائب فريد هيكل الخازن الى دارة باسيل، لجمع الاخير بفرنجية في منزله او في بكركي ، إلا انّ رئيس" التيار" رفض لانه لن يقدّم له الرئاسة على طبق من فضة، لذا إستعان بشروط وُصفت بالتعجيزية للتصويت لرئيس " المردة "، وهو يعرف سلفاً بأنّ الاخير لن يقبل بها وهذا ما حدث، وبهذه الطريقة يكون قد أزاح المهمة عن عاتقه، ووضع الطابة في ملعب فرنجية.