ماذا يجري في أوكرانيا والمنطقة في الأيام الأخيرة؟ففي أوكرانيا إنقلاب مفاجئ في المشهد الميداني مع تسجيل القوات الأوكرانية انتصارات على الجيش الروسي في جبهات الشرق والشمال ...
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حذّر الأميركيين والأوروبيين، في اتصال مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس، من كارثة كبيرة قد تحصل في مفاعل زباروجيا النووي يسببها الأوكرانيون ...
تعثر المفاوضات النووية لدرجة مقلقة باتت تهدد بالسقوط النهائي لهذا الاتفاق، بعد اللهجة الأوروبية الشديدة منذ يومين والتي اتهمت طهران بعدم الرغبة في إنجاز الاتفاق، وبأنها تخلّت عن الفرصة الديبلوماسية السانحة لإبرام اتفاق ...فالمفاوضات اﻹيرانية - اﻷميركية حول إحياء الاتفاق النووي، والتي تشهد تعثرات كبيرة خلال الفترة الحالية، تهدد "سبعة جهود" بُذلت على مدى أشهر كاملة من التفاوض بين الجانبين بالانهيار.
والبيان الأوروبي الثلاثي الذي أطلقته دول الترويكا اﻷوروبية،أي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، والمعروفة أيضاً بالإسم المختصر E3، حول موقف إيران من المفاوضات النووية، هاجم طهران بسبب تعنّتها في مسألة الكشف عن طبيعة نشاطاتها النووية داخل مواقع سرية ثلاثة لا تزال الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحقق بشأنها.
وقد أغضب البيان اﻷوروبي الجانب اﻹيراني الذي اعتبره "غير بنّاء" ويسهم في تعقيد المفاوضات، في حين أن مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة قال إن "البيان لم يصدر في الوقت المناسب"، في ظل تقدّم المفاوضات حول البرنامج النووي اﻹيراني، الأمر الذي اعتبره مندوب فرنسا في المقابل تصريحاً منافياً للحقيقة، في تأكيد على التوقّف التام الذي أصاب المحادثات النووية خلال الفترة اﻷخيرة.
وقد كان لافتاً الشكر الذي قدّمه القائم بأعمال رئيس الوزراء اﻹسرائيلي يائير لابيد، لدول الترويكا اﻷوروبية على بيانها ضد طهران، وذلك في أثناء آخر اجتماعاته بالحكومة اﻹسرائيلية، والذي قال خلاله بثقة إن الاتفاق النووي مع إيران لن يتم.
كذلك جاء تصريح جون كيربي، منسق مجلس اﻷمن القومي اﻷميركي، الذي أبرزته رويترز، حول طلب الرئيس اﻷميركي جو بايدن دراسة "الخيارات الأخرى" تجاه إيران، في حال فشلت المفاوضات النووية للتأكيد على إمكانية توجيه الولايات المتحدة اﻷميركية ضربة عسكرية لطهران، لمنعها من امتلاك سلاح نووي يقلب اﻷوضاع في الشرق اﻷوسط بصورة شاملة. بالتزامن، نشر موقع فورين بوليسي تحليلاً هاماً لـدينيس روس، مستشار الرئيس اﻷميركي الأسبقجورج بوش الإبن، قال فيه إن الوقت قد فات لمنع إيران من تصنيع قنبلة نووية، وإن القادة في الولايات المتحدة اﻷميركية وإسرائيل على علم بتلك الحقيقة، لكنهم يتجنّبون الاعتراف بأن تأخير ضرب إيران عسكرياً طوال السنوات الماضية هو الذي وصل بالأوضاع إلى هذه الحال.
من جهة أخرى، سُجّل مساء أول من أمس انطلاق شائعات قوية على موقع التواصل الإجتماعي (تويتر)، حول تعرّض المرشد اﻷعلى للثورة اﻹسلامية اﻹيرانية علي خامنئي لوعكة صحية، أو ربما حتى وفاته، انطلاقاً من منشورات تم بثها أولاً عبر مواقع التواصل داخل إيران نفسها وتظهر دعاء الإيرانيين بإطالة عمر المرشد ورفع الصلوات له، فيما تواصل إيران هجماتها السيبرانية على ألبانيا، بعد أيام قليلة من قطع الأخيرة علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، على خلفية هجمات سيبرانية ممولة إيرانياً على مواقع حكومية ألبانية. فتلك الهجمات السيبرانية طالت هذه المرة النظام الحاسوبي للشرطة الألبانية، ما دفع بحكومة تيرانا - عاصمة ألبانيا - إلى إغلاق أنظمة حواسيب المطارات والموانئ والنقاط الحدودية في كل البلاد.
إيران وصلت في "ديبلوماسية الكذب" الى أقصى حدود المناورة مع الأميركيين والأوروبيين، وقد بات واضحاً أن الاستراتيجية التفاوضية التي اتبعها منسق السياسة الخارجية الأوروبية جوزف بوريل مع الوفد الإيراني بُنيت على مبدأ " إلحَق الكذاب لباب الدار "، وقد وصلت الى باب الدار حيث طهران، وبكل بجاحة، طالبت من ضمن شروطها الأخيرة بإقفال التحقيق الذي تقوم به وكالة الطاقة الذرية حول ثلاثة مواقع ايرانية سرية يتم فيها تخصيب اليورانيوم، ما إعتُبر تهريجاً إيرانياً غير مقبول إطلاقاًفشل الاتفاق انتصار هام في مرحلة الانتخابات ليائير لابيد في إسرائيل، الذي ومن خلال تصاريحه، اعتبر البيان الأوروبي الثلاثي انتصاراً ديبلوماسياً وسياسياً كبيراُ سيوظفه في حملته الانتخابية في إسرائيل خصوصاً وأنه صرّح بأنه كان له دور في إصدار هذا البيان.
والمعلوم أن الدول الأوروبية الثلاث صاحبة البيان الأخير كانت أكثر الدول حماسة للاتفاق النووي، أكثر حتى من الولايات المتحدة نفسها على اعتبار أن في حسابات تلك الدول الثلاث بعد التوقيع على الاتفاق القدرة على الاستثمار في إيران والقيام بمشاريع ضخمة، بالإضافة الى الطاقة التي يحتاجها الأوروبيون والتي كانوا يعتبرون إيران مصدراً من المصادر البديلة عن روسيا لها، ما كان سيؤدي الى انخفاض كبير في سعر البرميل قد يصل الى 65 $ بدل تسعين $ أو ربما أكثر كما هو السعر الحالي بمجرد انضمام إيران الى منظمة أوبيك.
روسيا في وضع دقيق وصعب سواء في أوكرانيا أو حتى في منطقة الشرق الأوسط، فعلاقتها مع إيران تتصدّع في سوريا، وتجلياتها كانت في مهاجمة عضو المكتب السياسي في حزب الله غالب أبو زينب روسيا التي اعتبرها متواطئة مع إسرائيل، انتقاداً منه للسكوت الروسي على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والمستمرة على سوريا، وهذا الكلام إن دلّ على شيء فعلى احتقان إيراني باطني تجاه روسيا مع انتهاء مفاعيل التحالف أثناء الحرب الأهلية في سوريا، ومع نجاح الإسرائيليين في ضرب مخازن ومستودعات السلاح المرسل من إيران الى حزب الله في لبنان.
كذلك روسيا في وضع دقيق وصعب مع إسرائيل في ضوء حرب موسكو في أوكرانيا، وما يُسجل من انحياز إسرائيلي الى المحور الأميركي الغربي، لكن في نفس الوقت لا يستطيع الرئيس بوتين التخلي كلياً عن إسرائيل لأن هناك في روسيا تأثيراً كبيراً لليهود والجالية اليهودية على الحياة العامة.وبعد قراره وقف إقفال الوكالة اليهودية في روسيا، تحوّل الملف الى القضاء الروسي كتمهيدٍ لإيجاد تسوية بين البلدين إذ لا روسيا تستطيع التصارع مع إسرائيل ولا إسرائيل تستطيع التصارع مع موسكو، وما إقفال الوكالة الا تعبيراً سياسياً روسياً للنيل من الانحياز الإسرائيلي للناتو والغرب في حرب أوكرانيا خصوصاً وأن الرئيس الأوكراني يهودي، وأن يائير لابيد معروف بمناهضته لروسيا كدولة والرئيس بوتين تحديداً.
لا تسطيع روسيا، مع العرب والخليجيين، الاستحصال منهم على دعم سياسي أو عسكري أو انحياز في المواقف خصوصاً وأن الدول العربية والخليجية أعلنت إلتزامها جانب الحياد إزاء ما يحصل في أوكرانيا منذ اليوم الأول لانطلاق الغزو،فهل يصل الوضع في هذه البقعة الكبيرة من العالم، من أوكرانيا وأوروبا الى الشرق الأوسط برمّته الى الانفجار ؟كل المؤشرات تصب باتجاه هذا الاحتمال يوماً بعد يوم ...