مبادرة نواب التغيير الرئاسية...والإرتباط بالخلايا النائمة لأهل السلطة

نواب-التغيير

تنكشف تباعاً خفايا الانتخابات النيابية وصفقاتها المشبوهة التي تمت من تحت الطاولة مع مختلف أحزاب السلطة، وتثبت الأحداث يوماً بعد يوم وبالعين المجرّدة أن ما قيل لم يكن شائعات إذ لا نار من دون دخان.
في هذا السياق، تقول مصادر متابعة لحراك الكتل في المجلس النيابي إن هناك ١٣ نائباً يشكلون "تمريرة مبهمة" من السلطة الى الثوار بهدف إيجاد تنفيسة للجو العام من خلال نواب التغيير الذين هم "نواب للسلطة" بعلم بعضهم المحّنك ومن دون علم بعضهم الآخر داخل الملعب البرلماني، وهنا تكمن المصيبة"، على حد قول المصادر المشار اليها.

إبتسامة النائب ملحم خلف العريضة في حضرة نواب حزب الله تكشف الكثير، لا أحد يذهب الى خصمه تحت مسمى "شرح المبادرة الرئاسية" مع هكذا انشراح وراحة، إلا إذا كان يُنزل من على أكتافه حمولة الوفاء بالتعهدات السابقة وتسديد الفاتورة الانتخابية، وقد
قيل الكثير عن علاقة تربطه بحركة أمل منذ انتخابه نقيباً للمحامين في بيروت، كما قيل الكثير عن وعد مُعطى له بأن يصبح رئيساً لمجلس الشيوخ إن أبصر هذا المجلس النور في يوم ما، وقد خدم النائب خلف السلطة بشخصيته وأدائه وتمكّن من خرق صفوف الثوار وتشتيت شملهم مُستخدماً أسلوبه المميز في الدفاع عن القضايا الإنسانية وكسر شوكة الثورة في انتخابات نقابة المحامين في بيروت حين فرض أسماء مرشحيها الذين فشلوا جميعاً، وفرض نفسه مرة جديدة طباخاً للسم في تشكيل اللوائح الانتخابات النيابية. وها هو يدفع نواب التغيير بالأمس نحو إطلاق مبادرة رئاسية سياسية طائشة بعنوان مميز وجذاب كعادته لتمزيق ما تبقى من معنويات شباب ١٧ تشرين.
في هذا المسار تتماهى النائب بولا يعقوبيان المثيرة للجدل نتيجة ارتباطها بأهل السلطة مع خلف، ففي الانتخابات النيابية السابقة مزقت صفوف الحراك المدني وطعنت بماكينتها الانتخابية. وفي ذروة التحضير للمعركة الانتخابية الأخيرة، سوّقت لوجود مشكلات بينها وبين المرشح في حينه ملحم خلف كان هدفها التضليل العام بمعاونة خلايا الثنائي النائمة في صفوف الثورة، كل ذلك بهدف إعاقة توحيد اللوائح، ما اضطر مجموعة "بيروت مدينتي" للانسحاب لمصلحة ظاهرة لا تخلو من عبث أمني تغلغلت ضمن الأندية العلمانية وتمثلت بحالة "بيروت تقاوم" مع ما لهذه التسمية من مدلولات.

الطبخة أُنجزت ونواب التغيير باتوا اليوم أصحاب مبادرات سياسية يدافعون عنها، وتناست كل مجموعات الثورة موجب التدقيق بأدوار لعبتها ماكينات نحو الوطن وكلنا إرادة في التأثير على الانتخابات وفرط التحالفات الجدية لحساب مرشحين جرى دعمهم من قبل السلطة. فلماذا لم تطلق المبادرات السياسية إبّان الحملة الانتخابية لنجاح عدد أكبر من النواب؟ ولماذا تمت مقاطعة أحزاب كالكتائب والقوات اللبنانية طالما أن رموز الثورة هم من أصحاب المبادرات والرؤى السياسية؟

هذا غيض من فيض ما هو متداول بين الناس، نجاح المرشح مارك ضو كان لاسترضاء وليد جنبلاط وتحجيم طلال أرسلان برسالة ذات "مدلول ودي"، وقد استتبع هذا الإسترضاء نجاح نجاة عون صليبا التي وصفت ذات يوم، وإن تراجعت لاحقاً، رئيس مجلس النواب في أحد تصريحاتها بعد نجاحها بأنه "المدرسة السياسية العريقة". أما تجيير الأصوات في اللحظات الأخيرة لفراس حمدان فكان رداً إشتراكياً على تخلخل نيابة فيصل الصايغ في دائرة بيروت. التنسيق التام بين بري وجنبلاط أنقذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، والكل يدرك أن النواب التغييرين المذكورين فازوا بأصوات ماكينة الحزب التقدمي الإشتراكي، التي لم تعارض دعم حزب المستقبل لحليمة قعقور في دائرة الشوف عاليه على حساب مرشحها، وكان مقربون من دارة المختارة على علم بما سيحصل قبل حصوله بفترة طويلة، وكان الرضا واقعاً من أجل ضمان فوز مروان حمادة. أما نجاح إلياس جرادي فكان رسالة تأنيب شديدة اللهجة للحزب السوري القومي الإجتماعي، من دون أن ننسى الإنتقام السياسي الشرس من فؤاد السنيورة عبر ذوي القربى وبتنسيق مع عين التينة والمختارة، متجسداً بخسارة خالد قباني وتمرير النيابة الى ربيب البيت المستقبلي وضاح الصادق. نيابة رامي فنج ستكون في مرمى نيران المجلس الدستوري لمصلحة فيصل كرامي، كذلك حال نيابة سينتيا زرازير التي لا تجد المنظومة ضرراً من بقائها طالما أنها بتصريحاتها تزيد من أرصدة أهل السلطة نتيجة السقطات المتواصلة. وحده إبراهيم منيمنة جاء نائباً من رحم المجتمع المدني وقد جيء به عبر الأندية العلمانية المخترقة لإضفاء الشرعية الثورية على لائحة السلطة وليس حباً به، ولحفظ المكان للشريك في النادي السياسي الرئيس سعد الحريري في حال نال مباركة خليجية بعودته الى الساحة السياسية اللبنانية.

أمام هذه المشهدية لماذا يكون الاستغراب قائماً من زيارات لمبادرة رئاسية وتسويق لها. الهدف كان وأد شعار "كلن يعني كلن"، كما ما تبقى من أحلام ظاهرة ١٧ تشرين. مبادرة حالمة لن تبصر النور يوماً وقد يكون نواب التغيير يعيشون على كوكب آخر إن اعتقدوا أن ساسة لبنان يكترثون لهكذا مبادرات ومعايير ومواصفات.
التغيير الحقيقي يحتاج الى وجوه جديدة غير مرتبطة عضوياً بالخلايا النائمة لأهل السلطة ومن دون ذلك فلا أمل بالتغيير.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: