وأخيراً ” فعلها” لبنان ورسّم حدوده الجنوبية البحرية مع إسرائيل، بضغوط أميركية وأوروبية لتقاطع المصالح بينهما، لكن ماذا عن الحدود البحرية شمالاً مع سوريا؟الوقائع الميدانية تشير الى أنه، على عكس ما يعتقد البعض قد تكون المفاوضات مع ” الشقيق” أشق من المفاوضات مع العدو، فحسن الجوار لا يعني على الإطلاق أن لا منطقة نزاع بين لبنان سوريا، فالأخيرة تسيطر على مساحة ٩٠٠ كيلومتر مربع تقريباً ضمن المنطقة الإقتصادية اللبنانية الخالصة التي تتضمن البلوكين ١ و٢، علماً أن البلوك الأول من الجانب السوري متداخل مع البلوك الثاني من الجانب اللبناني جغرافياً.هذه السيطرة السورية يأججها الإنقسام السياسي العمودي في لبنان حول العلاقة مع نظام بشار الأسد، بين مَن يريد التواصل معه لأسباب عدة ومَن يرفض هذا التواصل لأسباب عدة أيضاً.في العام ٢٠١١، رسم لبنان حدوده البحرية مع سوريا من الشاطىء عند النهر الكبير أفقياً نحو الغرب وفقاً للقانون الدولي والقواعد المعمول بها عالمياً، والجيش الذي قام بهذا الترسيم يملك كل الوثائق والإحداثيات وبالتالي فهو قام بكل التحضيرات المطلوبة للجلوس على طاولة التفاوض وهو مَن سيقوم بالترسيم في حال التوافق عليه، علماً أن “الشقيقة” سوريا كانت قد تقدمت في العام ٢٠١٤ بشكوى ضد لبنان لدى الأمم المتحدة معترضةً فيه على “تعدّي” لبنان على ” منطقتها الإقتصادية”، على قاعدة ” ضربني وبكى…سبقني واشتكى”، وفي الوقت الذي بدأ فيه لبنان جولة التراخيص الأولى وما تلاها واستدراج العروض، وقّعت سوريا مع شركة كابيتال الروسية للمسح والتنقيب عن النفط عقداً لبدء الإستكشاف والتنقيب في البلوكين ١ و٢.بالمحصلة وعلى عكس ما يظن البعض، فإن حسن الجوار والحوار لن يسرّعا في خطوات ترسيم الحدود شمالاً لأن ليس في حسابات سوريا ترسيم الحدود مع لبنان لا براً ولا بحراً.
