عشية الأيام الأخيرة لنهاية ولاية الرئيس ميشال عون، تكرر المشهد النيابي في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الجديد في ساحة النجمة، وبدا الإستحقاق الرئاسي معلقاً على الخلافات السياسية والإصطفافات ذاتها وذلك بمعزلٍ عن كلّ ما كان قد سبق جلسة الأمس من مواقف وبيانات تركز على وجوب وأولوية الإنتخابات الرئاسية. وفيما وصفت مصادر نيابية مستقلة، المشهد الداخلي بأنه يؤشّر إلى أن السياسة في لبنان “تمرّ بأسوأ أيامها”، وبأن الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية، لم يعد احتمالاً أو خياراً بل على العكس، فهو بدأ يتحوّل إلى أمرٍ واقع، على الرغم من كل المبادرات التي انطلقت على هذا الصعيد.
وما يعزز من فرضية الفراغ الرئاسي، وفق المصادر النيابية المستقلة، هو الجهود الكثيفة التي سُجّلت في الساعات ال48 الماضية تحديداً لإخراج تركيبة حكومية معدّلة بنسبة محدودة عن التركيبة الحالية، وذلك بعدما استقرّت المشاورات على أن يكون التعديل في الوزراء مقتصراً على 3 وزراء من حصّة رئيس الجمهورية و3 وزراء من حصّة رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، وليس أكثر من هذا العدد، نظراً لاستمرار التباعد في نوعية وطبيعة الشروط والشروط المضادة التي يضعها فريقا التأليف، والتي لم تتغير على مدى الأشهر الماضية. كذلك كشفت هذه المصادر أن العقدة المتمثّلة بحقيبة وزارة المهجرين، ما زالت على حالها، وقد يؤدي هذا الأمر إلى تأخير التأليف لبضعة أيام، في ضوء عدم حصول أي تطور في المعطيات على صعيد الحقيبة التي سيتولاها وزير درزي والتي تبدو اليوم في طريقها إلى شخصية نسائية درزية مستقلة.ومع عدم القدرة على إحداث الإختراق في عملية انتخاب رئيس الجمهورية العتيد، فإن المصادر النيابية نفسها، تخوّفت من أن يصبح الإستحقاق الرئاسي ثابتاً في مسار من التدحرج والإنزلاق إلى تكرار فصول سابقة من الشغور الرئاسي ، وتالياً استمرار مسار الإنهيارات في كل المجالات، مع ما يحمله هذا الواقع من أخطار مقبلة على الساحة الداخلية، وتُنذر بالمزيد من التعقيدات والضغوط على كل الأطراف السياسية وليس فقط على فريقٍ واحد، كما حصل مع فريق نواب “التغيير” الذي تعرّض لنكسةٍ داخلية، انعكست تداعياتها بقوة على مشهد العلاقات ما بين التغييريين وقوى المعارضة والمستقلين في ساحة النجمة بعد جلسة الإنتخاب الرئاسية بالأمس.
ووفق المصادر النيابية المستقلة، فإن مشهد الأمس سيتكرر يوم الإثنين المقبل، وبعده أيضاً، طالما أن الحوار يبدو مقطوعاً ما بين الكتل النيابية المحسوبة على فريق المعارضة كما المستقلين والتغييريين، وقد برز هذا الأمر بوضوح في المواقف النيابية بعد الجلسة النيابية.ولا يمكن صرف النظر عن واقع هذا التشتّت على مستوى المبادرات الرئاسية التي انطلقت من قبل أكثر من كتلة نيابية ولكن فشلت في الوصول إلى أية خواتيم تساهم في إنجاز التوافق على انتخاب مرشّح من الشخصيات المعلنة، على الأقلّ حتى الأمس، حيث توقعت المصادر النيابية نفسها، أن تُرخي عملية خلط الأوراق الجارية داخل تكتل “التغيير”، بظلالها على المعادلة داخل المجلس النيابي، وبالتالي ربما تكرّس المزيد من التفاهمات أو تفتح الباب على انسحاب نواب آخرين من هذا التكتل بنتيجة الإستحقاق الرئاسي والخلافات الداخلية.