المفاوضات مع صندوق النقد متوقّفة!
يشوعي يحدّد المسؤوليات عبر LebTalks …وحبيقة يحذر !

IMF-690x450

باتت شروط صندوق النقد الدولي معروفة، أولها إنجاز الإصلاحات الهيكلية الضرورية لاستعادة النمو الاقتصادي وتأمين فرص عمل، وآخرها محاربة الفساد بمساعدة فنية من الصندوق وإرساء الحوكمة، مروراً بأربعة قوانين إصلاحية من ضمنها الكابيتال كونترول وتوحيد سعر صرف الدولار، إلّا أن كل هذه الشروط تبدو بعيدة المنال مع المناخ السياسي الضبابي الذي لا يُنذر بأي إصلاح أو مؤشّر إيجابيّ خصوصاً في هذه المرحلة.
إقتصادياً، وبعد اعتباره أنه من المرجّح أن نلمس انفراجاً قبل رأس السنة، أكّد الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور لويس حبيقة في حديث لموقع LebTalks أن تلك الإنفراجات التي كانت منتظرة في هذه المرحلة أصبحت بعيدة جداً، وذلك على أثر عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية وعدم تشكيل حكومة جديدة، مشيراً إلى أن “حكومة تصريف الأعمال يمكنها الاستمرار في ما بدأته مع صندوق النقد الدولي إلا أنه لا يمكنها توقيع الاتفاق لأن ذلك يحتاج إلى حكومة جديدة، وإلى ذلك الحين فالفترة الراهنة هي عبارة عن “وقت ضائع”، ولكن هذا لا يعني عندم استغلالها للبدء بالإصلاحات المطلوبة”. وعن ارتفاع سعر صرف الدولار، يعتبر حبيقة أن هذا الارتفاع ليس مفاجئاً في ظل كل هذه الأوضاع التي يشهدها البلد، وهو ما كان متوقّعاً مع غياب أي خطوة إصلاحية، معتبراً أن “قانون الكابيتال كونترول مطلوب من الصندوق لسبب أساسي هو أن صندوق النقد حريص على ألّا تطير أموال المساعدات فور وصولها من دون القدرة على الحفاظ عليها، وهذا الحرص مشروع،وعليه فإنه في الظروف الحالية يجب إقرار القانون مرحلياً كي نستطيع أن نصل مع صندوق النقد إلى اتفاق ينقذ البلد”.
وفي السياق ذاته، كان لا بد من طرح نظرية “الغاز اللبناي بديلاً عن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي” مع حبيقة الذي أوضح أن هذه النظرية ليست عملية أو واقعية قائلاً ” نحن لا نعلم حتّى الآن كمية الغاز الموجودة في البحر، وعملية استخراجه ليست سهلة ولا سريعة وتتطلّب سنوات من الآن، وأي تفكير من هذا النوع هو غير منطقي، فالاتفاق مع صندوق النقد هو اتفاق فوريّ نوعاً ما إنما عملية استخراج الغاز والنفط هي عملية طويلة الأمد والبلد لا يحتمل سنوات من الانتظار”.
الشق السياسي لا يغيب عن هذا الملف، بل هو الأساس في عرقلة أو تأخير المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وعن الأسباب السياسية يقول الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور إيلي يشوعي في حديث لموقع LebTalks أن السبب الرئيسي هو ” سلحفة” السلطة في لبنان والنزاعات الداخلية هي نفسها التي تحول اليوم دون انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة للنهوض مجدداً بالبلد، كما عدم الإجماع بسرعة على النقاط الضرورية واستمرار المناكفات السياسية وعدم احترام الوقت الذي يكاد يكون الأهم في وضعنا الحالي والذي يجب استغلاله إلى أبعد الحدود بديناميكية كبيرة”. يشوعي يحمّل مسؤولية التعطيل إلى الجهات التي ” لا تملك أي حسّ وطنيّ ولا مسؤولية تحضها على تنفيذ المطلوب، بحيث هنالك فرق بين تنفيذ المطلوب وبين مسايرة الآخر، وما يحصل اليوم مع صندوق النقد الدولي هو مسايرة، ولا نيّة واضحة حتّى الآن من الداخل اللبناني لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة التي باتت أكثر من ضرورية”، مشيراً إلى أن “سياسة التعطيل باتت نهجاً يسلكه كل مًن يريد الحصول على مصالح لا تمت لمصالح البلد بصلة، وهذا ما نراه اليوم من عرقلات وتهديدات في الكثير من الأمور، منها عدم اجتماع الحكومة وعدم انتخاب رئيس للجمهورية”.
وعن الأخطاء المرتكبة منذ بدء المفاوضات مع صندوق النقد، اعتبر يشوعي أنه لم يكن هناك ضرورة ولا حاجة لإعلان “الإفلاس السيادي” للبنان بل كان يمكن فقط التعبير عن التعثّر المالي “والفرق شاسع بينهما إذ أن الإفلاس السيادي يدمّر صورة البلد خارجياً ومصداقيته المالية، أما التعثّر المالي فيفترض التفاوض مع الدائنين من أجل إعادة جدولة الديون”، متسائلاً عن مدى إمكانية الدولة اللبنانية على النهوض بعد تدخّل صندوق النقد وإعادة إدارة الأمور المالية بالطريقة الصحيحة لإنتشال البلد من هذا الإفلاس، مؤكداً أن “من دون رئيس مَهمَّة للجمهورية قادر على الإنقاذ وحمل مصلحة بلده مع بناء المؤسسات وتطبيق مبدأ فصل السلطات ومحاسبتها على مسؤولياتها كافة، فلا يجب النظر إلى صندوق النقد كوسيلة لاستجداء الأموال من الخارج بل يجب على الداخل اللبناني أن يبدأ جدياً بالإصلاحات المالية والإدارية لكي يبرهن أنه يستحق فعلياً أن يُفتح له باب المساعدات الخارجية”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: