شدد رئيس حزب “القوّات اللبنانيّة” سمير جعجع على حرصه على نقطة التلاقي مع رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط، وعبر عن رفضه بشكل حاسم لانتخاب رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية تماماً كما جزم عن كامل قناعة رفضه التعاون أو التواصل مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل.
وأوضح في حديث صحافي أنه لا القوات ولا غير القوات يمكن أن يقودوا السُنّة، لا يقود السُنّة إلّا السُنّة”، مستنكراً كلّ الحملة القديمة الجديدة المتكرّرة دائماً والشائعات عن رغبته في لعب دور قيادي داخل المكوّن السنّيّ مع تأكيده أنّ الوطن لا يقوم إلا بجميع أبنائه.
رفض جعجع تعميم مقولة تحفّظ المسيحيين على اتفاق الطائف بمعادلة “نعم.. ولكن”، وقال: “من لديه أفضل من الطائف فليطرحه. منذ 15 سنة حتى الآن كلّما طُرح موضوع الطائف كنت على الرأي نفسه والدقّة نفسها، وعندما يقول البعض نريد تعديل أو تغيير الاتفاق أسأله ماذا تريد أن تعدّل؟ إن كان لدى أحد شيء أفضل فليطرحه ليُبنى على الشيء مقتضاه. ولكن إن لم يكن هناك شيء فحرام وألف حرام أن نفكّر في خربطة الموجود لصالح شيء غير موجود”.
وفنّد موقفه قائلاً: “إن كان هناك من ثغرات في الطائف فعلينا العمل على سدّها باستكمال تنفيذها، وأمّا التفكير في تعديل اتفاق الطائف فهذا أمرٌ آخر. مسألة سدّ الثغرات مختلفة عن مسألة تعديل أسس اتفاق الطائف. الفشل هو بالممارسة، فإذا أخذنا النخبة السياسية التي حكمت لبنان في آخر 8 سنوات ووضعناها في نظام إلهي، نظام ملائكي، نظام سماويّ فماذا ستكون النتيجة؟ من المؤكّد أنّ النتيجة نفسها. المشكلة ليست في النظام، بل في الممارسة السياسية التي حصلت. ليس هناك اتفاق بالكون إلا وقد فرضته ظروف معيّنة، وهذا شيء طبيعي وليس استثنائياً، وفي الظروف التي كانت سائدة عندما أُقرّ اتفاق الطائف كان الاتفاق أفضل الممكن”.
لا يرى جعجع أنّ مواقف جنبلاط الأخيرة هي بدايةُ التفاف على موقفه من ترشيح ميشال معوّض لرئاسة الجمهورية بعد زيارته للرئيس نبيه برّي وتصريحه أنّه تمّ الاتفاق على انتخاب رئيس لا يشكّل تحدّياً لأحد، وقال: “دعنا نفصّل. أوّلاً، لا يعتبر وليد جنبلاط أنّ ميشال معوّض مرشّح تحدٍّ لأحد. علينا أن نقرن التوصيفات بالأشخاص. ثانياً، ليس منّا من يريد رئيس تحدٍّ، بمعنى أن يتحدّى أيّ طرف. المشكلة أنّ الفريق الآخر يأخذ كلمة من إطار بكامله ويبني عليها أوهاماً وأحلاماً. لا أحد يريد التحدّي ولا غير التحدّي، بل نريد رئيساً قادراً على القيام بعملية الإنقاذ، فما وصل إليه البلد يحتاج إلى عملية إنقاذ. لا نريد رئيساً يدير الأزمة لأنّ إدارة الأزمة تعني الاستمرار في ما نحن عليه. أنا أريد رئيساً إنقاذياً، ورئيس كهذا لديه مواصفات معيّنة. قبل كلّ شيء عليه أن يتمتّع بالقدرة على اتّخاذ القرار، وأن يمتلك تصوّراً واضحاً وخطّاً واضحاً، وبالتالي ما قاله وليد جنبلاط لا يتعارض أبداً مع ميشال معوّض، والدليل على ذلك أنّنا ما زلنا متمسّكين بميشال معوّض وسنصوّت له، وبالتالي لا مشكلة بيننا وبين النائب وليد جنبلاط”.
وصف جعجع ما قيل في الإعلام عن ترشيجه لقائد الجيش جوزف عون بغير الدقيق، وقال: “سُئلت: إن حصل إجماع على العماد جوزف عون فماذا تقول؟ تحدّثت في مطالعة طويلة عريضة وانتهيت إلى القول: إن حصل إجماع على جوزف عون أوافق، فكتبوا أنّ القوات ترشّح جوزف عون، وهذا غير صحيح، إذ لدينا مرشّح اسمه ميشال معوّض، وغداً إن اتفقت المعارضة السيادية على ميشال معوّض أو غير ميشال معوّض فلن يكون لدينا مانع لأنّ هذه أولويّاتنا وإن أقفلت كلّ الأبواب وأتى العالم كلّه وقرّروا السير بجوزف عون فلن يكون لدينا فيتو عليه، لكن أن نقول إنّ القوات ترشّح جوزف عون فهذا الأمر غير دقيق”.
ورفض تعميم مقولة تحفّظ المسيحيين على اتفاق الطائف بمعادلة “نعم.. ولكن”: “من لديه أفضل من الطائف فليطرحه”. وتابع: “صراحة نحن لسنا مع قدوم عسكري إلى الرئاسة. العماد جوزف عون قاد الجيش في مرحلة صعبة، وحقّق نجاحاً كبيراً في الحفاظ على الجيش الذي بات المؤسسة الوحيدة التي ما زالت تقف على قدميها. أمّا رئاسة الجمهورية فأمر آخر، وهي من اختصاص السياسيين، ونحن نتكلّم عن مواصفات تتعلّق بالسياسيين”.
أما عن إمكانية الاتفاق مع محور الممانعة على مرشّح من صفوفهم، فقال: “نحن بحاجة إلى رئيس قادر على إنقاذ الوضع وذي مواصفات معيّنة يأتي في طليعتها أن يكون رئيساً للجمهورية لا رئيساً عند الجمهورية الأخرى، أي الدويلة، وأن يكون رئيساً إصلاحياً بامتياز يخوض عملية الإنقاذ ويقدر على التعاطي مع صندوق النقد الدولي والشروط التي وضعها بدءاً من وقف التهريب وصولاً إلى خفض عدد الموظّفين في الدولة”.
ورفض جعجع ما يُطرح من معادلة “سليمان فرنجية مقابل نوّاف سلام”، ورأى أنّ مصدر هذا الطرح هم جهابذة الممانعة الذين يحاولون تمريرها لكنّهم لن ينجحوا.
وأوضح جعجع أنه يتحرّك في الاستحقاق الرئاسي انطلاقاً من ثابتتين. الأولى رفض التصويت لسليمان فرنجية، والثانية رفض استنساخ اتفاق كاتفاق معراب مع التيار الوطني الحر، وقال: “لن نقبل بسليمان فرنجية رئيساً للجمهورية تحت أيّ ظرف، الأمر ليس شخصياً، فهو ابن ضيعة قريبة منّا، ونحن متجاورون وأبناء منطقة واحدة. لكنّه في السياسة يتموضع في المقلب الآخر ويصرّح بذلك بشكل واضح. خطّه غير خطّنا، ولن ننتقل من كوكب إلى كوكب آخر”.
وأضاف: “نقاط الاختلاف بيننا وبين جبران باسيل كبيرة جدّاً جدّاً والهوّة الموجودة بيننا تحتاج إلى الكثير كي يتمّ ردمها. نختلف على كلّ شيء، على النظرة إلى لبنان وطريقة ممارسة التحالفات، وعلى الاستراتيجيات. من الآخِر أُطمئن، فالعودة إلى اتفاق كاتفاق معراب المتعلّق بالانتخابات الرئاسية هي احتمال غير موجود على الإطلاق لأنّ البعض لا يرون في الدنيا إلّا أنفسهم، وهذا سبب خرابهم وخراب كلّ شيء. هذا الطرح غير وارد، فهناك الكثير من نقاط الاختلاف والخلاف بيننا وبين التيار الوطني الحر”.