قالها سيّد بكركي وبالفم الملآن والصوت الصارخ بعدما طفح كيل الصرح … لماذا تعطّلون جلسات انتخاب رئيس الجمهورية المسيحي الماروني بعد الدورة الانتخابية الاولى؟، فتغادرون القاعة ويُفقد النصاب، فيما رئيس مجلس النواب يُنتخب بجلسة واحدة، ورئيس الحكومة يُكلف فور انتهاء الاستشارات النيابية، وكأنكم تقولون انه يمكن الاستغناء عن رئيس الجمهورية؟
لم يسبق للبطريرك الماروني بشارة الراعي ان تحدث بالمنحى الطائفي، لو لم يضطر لقول ذلك، بعدما بدت الصورة واضحة للغاية في ظل الاعيب البعض، التي لم تعد تنطلي على احد، والمسرحيات التي يُسدل ستارها في كل جلسة انتخابية رئاسية، من دون ان يحظى الممثلون بأي تصفيق او اعجاب من قبل الجمهور، الذي سئم تلك السيناريوهات المتكرّرة ، فيما البلد بات منذ زمن في قعر الهاوية، وشعبه يئن من الجوع، ويفتقد الى ادنى متطلبات العيش في دول العالم العاشر.
قصة الفراغ الرئاسي تتكرّر كل ست سنوات، مع لحظة مغادرة رئيس الجمهورية قصر بعبدا، من دون أن يسّلمها لخلف، في انتظار ما ستؤول اليه تطورات المنطقة، وبالتالي معالم تسوية اقليمية ودولية قد تشمل لبنان، وفي انتظار تلك التسوية يجهد البعض لتحقيق أهداف خاصة، فيما يجهد البطريرك الراعي للوصول الى خيار رئيس يرضى عنه الجميع، وتأتي جهود سيّد بكركي بعد استشعار الكنيسة خطر الاستمرار في الفراغ، والسعي لحماية موقع الرئاسة الاولى من التهميش، بعد الذي نشهده كل يوم خميس في مجلس النواب وللمرة الثامنة على التوالي .
وإنطلاقاً من هنا كانت صرخة الراعي عالية ومن عاصمة الكثلكة، حيث إضطر لقول ما تشعر به الكنيسة في لبنان من مخاوف، على الموقع المسيحي الاول في لبنان والشرق، مذكّراً انّ البعض يسعى لإظهار انّ البلد يمكن إدارته من دون رئيس مسيحي، وبأنّ رئيس مجلس النواب يتحكّم بنصاب المجلس، ورئيس حكومة تصريف الاعمال يستعد لترؤس السلطة، وكل هذا يستدعي الهواجس، لانّ الصورة بدت واضحة جداً، والمطلوب ان يتوحّد المسيحيون اليوم واكثر من أي وقت مضى، خصوصاً الاحزاب المسيحية ليقفوا الى جانب البطريرك، ويتفقوا على رئيس انقاذي سيادي قادر على القول لا، حين يحتاج الامر الى الرفض، ونعم حين يحتاج الامر الى القبول، لا ان يقف كل حزب باحثاً عن مصالحه الخاصة، لانّ الوضع الحالي يتطلب الاتفاق لا الشرذمة التي إعتدنا عليها في الصف المسيحي، أي على غرار ما يجري حين تعقد جلسة انتخاب رئيس المجلس النيابي الذي يُفرض من قبل الثنائي الشيعي وإلا سيبقى المقعد شاغراً، ولن يصل اليه سوى مرشحهما ونقطة على السطر.
الى ذلك دّق الراعي ناقوس الخطر قبل وقوعه، واوضح عبر رسالته الى المعطلين: " بأن لا إستغناء عن الرئيس المسيحي، وكفّوا عن الاعيبكم".
وفي السياق اشارت مصادر سياسية متابعة لما يجري على الساحة الرئاسية ، الى انّ البطريرك الراعي مستعد لمواجهة تحديات كبرى، في سبيل وحدة الموقف المسيحي، وهو مُدرك تماماً لحجم هذه التحديات، لان الساحة المسيحية تنتظر توافقاً من قيادييّها على شخص الرئيس، ويجب تحقيق ذلك قبل فوات الاوان، لانّ ما تخفيه الخبايا لدى البعض لا يطمئن.
