لم تكن دروب "التيار الوطني الحر" وحزب الله دائماً سالكة سياسياً، بل كانت تتخللها " نزلات" سرعان ما يعمل الطرفان على "ضبضبتها" إعلامياً، كي لا تنتشر و"يشمت" الخصوم وما أكثرهم، لكن هذه المرة ظهرت الى العلن وبشكل فاضح، لانّ كيل الحزب طفح من جبران، الذي لم يعد يرّد على أحد وفق اوساطحارة حريك، التي رأت فيه شخصية سياسية سلبية لا أحد يفهم عليها، وهو يفهم على الجميع ويعمل عكس ما يريدون، سائلة ما الذي يريده باسيل؟، من دون ان تلقى جواباً، اما السؤال الابرز فيسأله الخصوم " لماذا هذا الانفتاح اليوم على الاطراف المسيحيين والتقارب منهم في هذا التوقيت؟، فالجواب معروف ولا يستلزم الكثير من الذكاء .
هذا هو باسيل ونقطة على السطر، لم يتماسك نفسه امام إنعقاد جلسة مجلس الوزراء، ليطلق السهام في إتجاه الجميع، ضارباً بعرض الحائط كل الغزل الذي كان يطلقه في إتجاه الحليف الوحيد المتبقي له، قائلاً:" وجودنا الحرّ أهم من أي تفاهم، دورنا هو سلاحنا ولا تنازل عنه، والواضح انّ الاستفزاز مطلوب وكسر الارادة وضرب التوازن، واذا كان احد يظن انه يضغط علينا في الموضوع الرئاسي، نقول له لن ينفع، هذا الامر يؤدي الى تصلّب اكبر"، مع تلميحه الى ضرورة تطبيق اللامركزية الموسّعة، إن لم يكن في القانون بعد 30 سنة من الطائف، فلنبدأ على الارض أي في الشارع.
هذه المواقف العالية السقف إستدعت رداً من الحليف، الذي لن يصبح خصماً بل سيبقى حليفاً ولو مرّت غيمة الصيف العابرة، لانّ المصالح المشتركة بين الفريقين أكبر من ان يلغيها احدهما، فباسيل محتاج للحزب والحزب محتاج الى باسيل، هذه هي المقولة الصح بالنسبة لهما، في ظل وساطات لم تهدأ منذ عصر الثلاثاء، ولن تقفل الدروب التي اصبحت وعرة منذ ايام، لانها ستعود آمنة ولو بعد حين، في إنتظار ضبط الخلافات من جديد بين باسيل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، وغير ذلك غير متوقع، لانّ "التيار الوطني الحر" الوحيد سياسياً، كان وما زال بأمّس الحاجة الى حزب الله، الذي بدوره كان وما زال بحاجة الى غطاء مسيحي امام المجتمع الدولي، وجده في التيار المذكور.
في غضون ذلك، رأت مصادر سياسية مطلعة على ما يجري، بأن هذه الخلافات لن توقع بتفاهم مار مخايل، اذ من المنتظر ان تجتمع لجنة من الطرفين لاحقاً وبعيداً عن الاعلام، لتطوير بعض بنوده وفق الظروف الحالية والعمل على تطبيقها، لانّ الحزب حريص جداً عليها، لكنه مستاء من باسيل في إنتظار تهدئة الوضع ووقف السجالات الإعلامية والردود، خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي بين مناصري الفريقين، مشيرة الى انّ ما يُحكى عن إلغاء ورقة التفاهم قريباً بعيد عن ارض الواقع، لانّ علاقتهما السياسية مستمرة، وسيعمل الطرفان على عدم إنزلاقها والوقت ليس ببعيد.
