اتخذ حفل الوداع الذي اقامته قيادة اليونيفيل للجندي الإيرلندي شون روني الذي قُتل في اعتداء العاقبية، منحى شديد الوطأة على الجهات الرسمية للتعجيل في انجاز التحقيق في الاعتداء، اذ أقيم الوداع في مطار رفيق الحريري الدولي تحت تغطية إعلامية محلية واجنبية كثيفة قبيل نقل جثمانه إلى إيرلندا. وتقدم القائد العام لليونيفيل الجنرال ارولدو لاثارو الجنازة في القاعدة الجوية في المطار وسط مراسم خاصة جرى التحضير لها بالتنسيق بين قيادة الجيش وقوات اليونيفيل.
وكان تسليم جثمان الجندي الإيرلندي تمّ في مستشفى حمود في صيدا، بحضور عناصر من قوات اليونيفيل ومن مديرية مخابرات الجيش، مع انتشار كثيف للجيش.
وتزامن ذلك مع تقارير جديدة عن الاعتداء تتسم بخطورة عالية لجهة تركيزها على ان الاعتداء على الدورية الإيرلندية في اليونيفيل كان متعمدا. وتحدثت هذه التقارير عن تعرض موكب الاليات اثناء توجهها إلى بيروت في منطقة الصرفند لعملية تعقب قبل حصول الاحتكاك والاعتداء، وان ثمة وقائع تكشف مجريات محاصرة الاليات ومن ثم استهداف احداها برشقات الرصاص بما أدى الى مقتل الجندي وجرح ثلاثة اخرين. ويبدو ان مسار التحقيقات الأولية لا تزال بطيئة خصوصا لجهة استجماع الشهادات من الجرحى والتثبت من تقرير الطبيب الشرعي عن مقتل الجندي الايرلندي ولو ان مخابرات الجيش ضبطت شهادات عدد وافر من شهود العيان والأهالي في البلدة .
وفي هذا السياق، كشفت مصادر موثوق بها لـ"نداء الوطن" أنّ تقريراً أمنياً لبنانياً وثّق إصابة آلية "اليونيفل" المستهدفة في حادثة العاقبية بـ"27 طلقاً نارياً من عدة جهات"، ما بيّن بحسب الخبراء الأمنيين أنّ "الحادث ليس عفوياً ولم يُتخّذ قرار من الجهات المعنية في المنطقة بالسيطرة على الوضع فور وقوع الإشكال". وبالاستناد إلى المعطيات والأدلة الواردة في هذا التقرير، فإنّ مسؤولين لبنانيين تواصلوا مع قيادة "حزب الله" للتأكيد على كون "المسألة صارت محرجة" أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ويجب الإٍسراع في إيجاد "مخرج مناسب لها" خصوصاً مع دخول لجنة إيرلندية على خط متابعة ما توصلت إليه التحقيقات الرسمية والأممية. وكشفت المصادر إزاء ذلك عن مساع قام بها مسؤول أمني رفيع في " حزب الله" لعقد لقاء مباشر مع قائد قوات "اليونيفل" بغية محاولة التوصل معه إلى الصيغة الأنسب لإنهاء القضية، فحصل اللقاء عن بُعد عبر تطبيق "زووم" وجدد خلاله المسؤول الأمني في "حزب الله" التأكيد على أنّ "الحزب" حريص على العلاقة مع "اليونيفل" ولا علاقة له بما حصل في بلدة العاقبية، فكان الجواب مقتضباً: "إذا لم تكونوا مسؤولين مسؤولية مباشرة عن الحادثة فإنكم تتحملون مسؤولية تجييش البيئة الشعبية في الجنوب علينا".
التحقيق الجدي يستبعد فرضية «غضب الأهالي»، ويجزم بأنّ هناك طرفاً فاعلاً على الأرض أراد توجيه رسالة «خشنة» إلى قوات الطوارئ الدولية، لكنّ الرسالة كانت «أكثر خشونة» مما هو مطلوب، فقُتِل العسكري الإيرلندي، ووقع الطرف الذي يقف وراء توجيه الرسالة في حرجٍ قوي، فلا هو قادر على تبني العملية، ولا هو قادر على التبرؤ منها. في هذه الحال، كيف سيتم الوصول إلى مُطلِق أو مُطلِقي النار؟ إخفاؤهم صعب وتسليمهم أصعب. لكن ما هو مؤكد أنّ ما بعد مقتل الجندي الإيرلندي لن يكون كما قبله، فإيرلندا ومعها الأمم المتحدة، لن تقبلا بأقل من معرفة الفاعل أو الفاعلين، ومَن وراء العملية.
