كعادته، وجرياً على عادة عمّه الجنرال ميشال عون، يرفع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل السقوف ويرقص على حافة الهاوية ويلتف بشكل فوري ١٨٠ درجة بلا خوف أو خجل. لذا لم يعد الشعب اللبناني يأخذ مواقفه على محمل الجد ولا يتجرأ الافرقاء السياسيون على مؤازرته في أي إشتباك سياسي وتأييده لأنه بلحظة قد يتملّص من مواقفه ويتنصّل من مواجهاته.
لم تنجح "ورقة الاولويات الرئاسية" التي أطلقها باسيل في 6/10/2022 من مقر "التيار" في ميرنا الشالوحي - أي قبل نهاية العهد العوني - وجالت بها وفود من تكتل "لبنان القوي" على الاطراف السياسية والمرجعيات الروحية - بإستثناء معراب التي رفضت أن تشارك بهذه "المسرحية" - بكسر الصورة النمطية التي طبعت باسيل وهي أنه على خلاف مع الجميع وحتى تحالفه مع "حزب الله" لا يضعه في مصاف حليف "الحزب" الاولى.
كما أن باسيل، وفي إطار جمع اكبر قدر من النقاط تؤهّله التقدم على منافسه في محور الممانعة رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية والحصول على بركة "الحزب" لخوض السباق الى بعبدا فيكون المرشح الاساسي لقوى "8 آذار" ويفرمل طليعية فرنجية وإرتفاع أسهمه، تلمس عبء هذه الصورة النمطية وتداعياتها على حظوظه. لذا إستفزّه تكرار مقولة إن فرنجية بإمكانه التواصل مع جميع الاطراف، فيما باسيل يكاد يجد صعوبة بالتواصل حتى مع بعض أركان تياره.
من هذا المنطلق، عمد باسيل الى إستجداء لقاءات مع أطراف كثر بحثاً عن تواصل "الصورة" بغض النظر عن إدراكه فراغ المضمون. تواصلٌ لم يبدّل نظرة هؤلاء الاطراف من عين التينة الى كليمنصو وبنشعي وصولاً الى الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بشخص باسيل وترشيحه.
في المقابل، كرّس هذه النهج من التواصل المنفعي لباسيل - قبل أن يجف حبر هجائه لهذه الاطراف - حقيقة الصورة النمطية عنه بأنه "مرذول وغير معزول". فهذه الاطراف لم تعزله، وربما إتعظت من تجربة عزل حزب "الكتائب" في مطلع حرب 1975، أعطته ما أراد من صورة. لكنها في المقابل رذلته أي رفضت السير بها كمرشح لرئاسة الجمهورية وليست متحمسة للسير بأي مرشح قد يسميه باسيل بغض النظر عن الشخص ومواصفاته، لأن مجرد طرح باسيل له يخلق نقذة لديها.
فهل يستشعر باسيل قبل فوات الآوان انه بسعيه الضمني للوصول الى بعبدا قد يخسر في آن منصب الرئيس ودور صانع الرؤساء، فيستدرك الامر ويتوقف عن مبادرات "الصورة" وعن التعطيل المباشر أو المبطن لجلسات إنتخاب رئيس للجمهورية؟!!