بعد تحليق أسعار حليب الأطفال والأدوية شمّاس ل LebTalks: السياسات الدوائية الخاطئة هي السبب… وعلى وزير الصحة أخذ القرارات المناسبة

حليب-للرضع

تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي تغريدة الناشطة نادين بويري والتي أعلنت فيها عن بدء حملة لتأمين أدوية وحليب وحفّاضات للأطفال والمسنّين، عبر توجيه الدعوة الى كل مغترب عائد إلى لبنان وكل مقتدر يستطيع المساعدة لأن “الوضع بخوّف” بحسب ما عبّرت في تغريدتها، ناشرةً رقم هاتفها للتواصل معها “من قبل أي شخص يستطيع المساعدة بأي غرض ٧٠٠١٨١٦٨ /70018168”.

وفي هذا السياق، وفي ظل المعاناة القائمة لتأمين أقله الحد الأدنى للأطفال والمسنّين من مواد أساسية بالنسبة اليعم، يتّضح أن رفع الدعم الذي قام به وزير الصحة فراس أبيض كان قراراً اعتباطياً وغير مدروس، بحيث كان يجب أن يتمّ هذا الأمر منذ اللحظة الأولى التي بدأ فيها انقطاع حليب الأطفال وسائر الأدوية الأخرى من السوق والصيدليات، كي لا نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم خصوصاً وسط التهريب الذي كان يحصل على مرأى الجميع.
وفي حديث لموقع LebTalks، اعتبرت الباحثة في الشؤون الطبية إيلين شماس أن “هذه السياسات الدوائية الخاطئة تؤدي بنا إلى حلول موقّتة لا تفيد على المدى البعيد، وهي حلول ليست مضمونة لتأمين الحليب في الأسواق”، معلنةً أيضاً أن “وقف الدعم كان واجباً على أي وزير صحة يضع استراتيجية دوائية واضحة تهدف إلى تأمين حليب الأطفال المناسب، ومختلف الأدوية، بأفضل المواصفات والأسعار للمواطنين.
وأوضحت شمّاس أن “لبنان يستورد حليب أطفال بقيمة 50 مليون دولار سنوياً، وكان يتمّ تهريب حوالى 40% منه إلى سوريا. فالجهات المانحة والـ(NGO) كانت تأمِّن هبات بنحو 40 % من حاجة لبنان، فيما بقي الاستيراد بالكميات ذاتها، ما يعني أن 40 % من الاستيراد كانت تذهب للتهريب”،مضيفةً “إذا احتسبنا فترة دعم حليب الأطفال (3 سنوات) و40% من الكميات المستوردة تُهرَّب، فهذا يعني أن لبنان خسر 60 مليون دولار من أمواله على دعمٍ يتم تهريب 40% منه، في حين أن الشعب اللبناني وأطفالنا أولَى من غيرهم بهذا المبلغ، خصوصاً في ظل شحّ الدولار عندنا وارتفاع سعر الصرف وتفاقم الأزمة التي نعيشها”.
ولفتت شمّاس إلى أن “المستوردين والوكلاء المعتمدين في لبنان كانوا على الأرجح يعتمدون عملية تقنين جزئية لتزويد السوق بالحليب وذلك للتخفيف من خسائرهم، فقد كانوا ينتظرون رفع الدعم عن حليب الأطفال في أي لحظة، بالتالي يخزّنون كميات في مستودعاتهم من أجل تقليل الخسائر عند ارتفاع الدولار، أو أنهم كانوا ينتظرون من وزير الصحة إجراء تصحيح على السعر، لأن وزارة الصحة كانت تدعم حليب الأطفال رقم1 ورقم2 (Age1 وAge2) وتحدِّد سعراً ثابتاً لهم مهما ارتفع سعر الدولار، فيما تمَّ رفع الدعم عن حليب رقم3 (Age3) في فترة سابقة”.
شمّاس تستدرك قائلة “أزمة توافر حليب الأطفال في الأسواق لم تُحل نهائياً إذ تبقى مشكلتان: الأولى هي أنه حتى لو رُفع الدعم، فلا يزال الوكيل ملزماً بالتسعير بحسب مؤشِّر الدولار الذي تعتمده وزارة الصحة حالياً، والبالغ 43.000 ليرة للدولار، فيما دولار السوق الفعليّ تخطَّى الـ46.000 ليرة، بالتالي من المتوقّع أن يقوم الوكيل بتقنين الكميات التي يسلِّمها للسوق للتخفيف من خسارته”، معتبرةً أن “الحلّ لهذه المشكلة ممكن عن طريق قيام وزير الصحة باتخاذ الإجراءات والقرارات اللازمة مع غيره من المعنيِّين، والتي تسمح لوكلاء الأدوية وحليب الأطفال بشراء بضائعهم على سعر مؤشر وزارة الصحة أي 43.000 ليرة للدولار، لا على دولار السوق السوداء، بمعنى آخر، فإن الوكلاء والمستوردين ملزمون ببيع الأدوية والحليب على دولار مؤشر وزارة الصحة بـ43.000 ليرة، بالتالي يجب في المقابل تأمين الدولار لهم للاستيراد على هذا السعر”.
أما المشكلة الثانية التي ستبقى قائمة فهي تكمن في “عدم وجود أيّ مصنع في لبنان لتصنيع حليب البودرة للأطفال والاتّكال على الاستيراد. والحل هو أن نبدأ بالتفكير بإنشاء مصنع مماثل، فلا نعود تحت رحمة الاستيراد فقط”.

واعتبرت شماس أنه “لو بقينا على القرارات التي وضعها وزير الصحة الأسبق غسان حاصباني فما كان هذا ليحصل، فهو خفّض أسعار الأدوية بنسبة ٧٠% وأعطى بديل جعالة ثابتة للصيادلة كي يستطيعوا الإستمرار، وشدّد على تسجيل الأدوية ومعرفة مرجعية الأدوية ومصدرها، طالباً أنيكون لأي نوع دواء ٦ generic، إضافة إلى تشجيع الصناعة الوطنية بإلغاء الضرائب على المواد الأولية، والمزيد من السياسات الدوائية التي أوقفها الوزير حمد حسن مثل ال meditrack وال 2D bar code، علماً بأن حاصباني كان أول من تكلّم عن البطاقة الدوائية في عام ٢٠١٧ ووضع الهيكلية المناسبة والجاهزة لها، وأيضاً لم يتم العمل بها، إنما استراتيجيتين دوائيتين تم إقرارهما في الهيئة العامة وهما: ال MS التي تسمح للصيدلي تبديل الدواء غالي الثمن بآخر رخيص، وبدأنا بكتابة الهيئة الناظمة للدواء وقدّمها النائب فادي سعد للجنة الصحة النيابية كي يتم إقرارها، وتحديد المراسيم التطبيقية كي نبدأ العمل بها”.
أما عن العائلات التي تمرّ بأوضاع معيشية صعبة جداً نظراً للظروف المعروفة، فشدِّدت شماس على أنه “من المفترض، مع الارتفاع الحتميّ لأسعار حليب الأطفال بعد رفع الدعم، أن يكون وزير الصحة قد تحسَّب لهذا الأمر، وقام بالاتصالات اللازمة وأمَّن هبات وتبرّعات ومساعدات للعائلات التي لن تتمكَّن من شراء الحليب لأطفالها على الأسعار العالية الجديدة”، متمنّيةً أن يكون الوزير أبيض “قد أخذ كل هذه الأمور في الاعتبار قبل قراره برفع الدعم”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: