خاص LebTalks
تعليقاً على ما يتردّد على لسان نواب الثنائي الشيعي وبعض النواب المستقلين من صيغ ليس أقلها الحديث عن فصل الملف الاقتصادي والإجتماعي عن الملف السياسي والذهاب الى انتخاب رئيس ينقذ الوضع الاقتصادي ويجري الإصلاحات، وأخرى تعتبر الحوار الوسيلة الفضلى للتوصّل الى انتخاب رئيس للجمهورية، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي جورج أبو صعب أن مثل هذه الصيغ ليست فقط خارجة عن سياقها الطبيعي بل وأيضاً عن سياقها المنطقي، إذ ان تجربة السنوات الستة الأخيرة لوحدها كانت كافية لإثبات عدم إمكانية أي إصلاح إقتصادي أو مالي أو إجتماعي من دون قرار سياسي، ذاك القرار المصادَر من حزب السلاح وحلفائه التيار الوطني الحر، فأي إصلاح لا يمكن أن يتم في ظل هيمنة الثنائي الشيعي وحزب الله بالتحديد على مفاصل الدولة وحمايته للفساد والمفسدين في مقابل دعم سلاحه، وبالتالي أي حديث عن فصل الملف السياسي الشائك والخلافي عن الملف الإصلاحي حديث نظري لا يمتّ بأي صلة الى الحقيقة والواقع والمعقول،
فإي معالجة إصلاحية تتطلب أولاً وقبل كل شيء رفع وصاية السلاح عن اللبنانيين لأن ما من دولة شقيقة أو صديقة أو صندوق دولي أو أي طرف خارجي مانح يقبلون بمساعدة لبنان في ظل المعادلة الداخلية الحالية، ومن هنا أهمية أن يأتي رئيس يوحي بالثقة، إصلاحي ونظيف الكف وطني وسيادي قادر على إعادة علاقات لبنان الطبيعية بالمحيطيَن العربي والدولي وعدا ذلك عبثاً يتعب البناؤون.
لقد شاءت الأقدار أن مَن يستطيع مساعدة لبنان لانتشاله من جهنم هي دول على نقيض دور حزب الله في لبنان، وقد ثبُت عجز الحزب طوال فترة سيطرته وهيمنته على مفاصل الدولة عن منع تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية حتى في بيئته الحاضنة.
ويتابع أبو صعب "أما في ما يتعلق بطرح الحوار للتوصل الى انتخاب توافقي رئيس للجمهورية، فعدا أن التجارب الحوارية السابقة لسنوات أثبتت عجزها وعقمها منذ إعلان بعبدا في عهد الرئيس ميشال سليمان، الى طاولات الحوار في بعبدا في عهد العماد ميشال عون، فإن منطق التوافق بين نقيضيَن لبنانيين لا يستقيم ذلك أن أي حوار بين الفرقاء اللبنانيين لا يمكن أن يُبنى عليه طالما منطلقاته متناقضة من الأساس : فإذا كان الحوار لإتيان برئيس توافقي فهذا يعني رئيساً ضعيفاً ومسايراً يقبل بما لحزب الله من سطوة بسلاحه، فتتمدد الأزمات ست سنوات أخرى ويُقضى على أي أمل بلبنان لأن التوافق يعني حتماً تحييد مسألة السلاح، وبالتالي التمديد للتحالف بين السلاح والفساد، فالمتحاورون المفترضون من الأساس مختلفون على قواعد الحوار بين سياديين يريدون رئيساً سيادياً وإصلاحياً منفتحاً على العالم و"متأيرنين"(نسبة لإيران) يريدون الاستمرار في خدمة جندة إيران الإقليمية والدولية انطلاقاً من لبنان وهذا أمر مستحيل القبول الاستمرار به.
وأضاف أبو صعب "فليقل لنا طارحو الحوار والمتحمسون له على أي قاعدة يرون هذا الحوار ؟ هل على قاعدة الإذعان لوجود السلاح واستمرار الهيمنة أو على قاعدة الاستعداد للتنازل عن السلاح والتوجه نحو بناء مؤسسات الدولة والقانون ؟
من هنا يردف أبو صعب أن المسألة لم تعد مسألة " تسكيج " بل مسألة فصل في الأساسيات التي وحدها تحدّد مرتكزات الإتيان برئيس جديد للبلاد،
فإذا تعذّر على حزب الله القبول بالتخلي عن سلاحه والالتحاق بالحياة الديمقراطية المؤسساتية فسيبقى من المتعذّر على الفريق السيادي القبول بمرشح يطرحه أو يسوّق له فريق الممانعة وعلى رأسه حزب الله.
هنا تكمن المعضلة صعوبة أي حل في الأفق القريب لمسألة رئاسة الجمهورية.