سباق الوقت مع الدولار الجمركي هَدرَ أكثر من ١٩ مليار ليرة في المطار…

20231191233190638096869531906652

في منتصف الأسبوع المنصرم، وزّعت أمانة سر النيابة العامة المالية، عبر الوكالة الوطنية للإعلام، خبراً مفاده بأن النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم إدعى على ١٥ شخصاً يعملون في المطار بجرائم إختلاس أموال وتزوير واستعمال المزوّر وتقاضي رشى، وأنه أي إبراهيم أحال ملف الإدعاء مع الموقوفين وجاهياً على قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت شربل أبو سمرا لإجراء المقتضى.
الخبر الذي جاء مقتضباً على جري عادة أمانة سر النيابة العامة المالية لم يشر الى طبيعة عمل الموقوفين ولا الى أسمائهم، لكن أوراق الملف بدأت تتكشّف تباعاً ليتبيّن أن المبلغ المختلَس من المطار يُقدر بنحو ١٩ مليار ليرة، وهو رقم قابل للمضاعفة مع احتساب الرسوم الجمركية وفق سعر صرف الدولار، أما المدّعى عليهم ال١٥ فهم موظفون في المطار وعناصر من مصلحة الجمارك ومخلّصون جمركيون، فما قصة هذا الاختلاس الذي دخل في سباق مع الوقت؟
في الواقع، القصة بدأت في آخر يوم من تشرين الثاني الماضي الذي شكّل المهلة الأخيرة لاحتساب الرسوم الجمركية على سعر الصرف القديم أي ١٥٠٠ ليرة مقابل الدولار، ما بدفع بأحد عناصر مصلحة الجمارك في المطار وبالتواطؤ مع أحد المخلّصين الجمركيين الى تسجيل نحو ١٥ بياناً جمركياً لشحنات من الأجهزة الخلوية والحواسيب والملابس والأكسسوارات. عدد البيانات المرتفع هذا لفت انتباه عنصر من مصلحة المراقبة في الجمارك فأبلغ رئيسه المباشر الذي طلب فتح تحقيق بالموضوع، لأن ما أقدم عليه عنصر الجمارك يدخل بشكل لا لبس فيه في خانة " التهرّب الضريبي - الجمركي" وبقيمة مرتفعة قُدّرت ب ١٩ مليار ليرة قابلة للارتفاع ضعف هذا المبلغ أو ربما أكثر إذا أُضيفت قيمة الغرامات،
واللافت أن البضائع المهرّبة أُدخلت الى العنبر منتصف الليل أي بعد دخول قرار رفع سعر الدولار الجمركي حيز التنفيذ.
مسار التحقيق بدأ مع شعبة المعلومات التي تلقّت إستنابة قضائية من النيابة العامة التمييزية فتحرّكت الشعبة وقامت بمهمتها ثم أحالت الملف الى النيابة العامة العسكرية لوجود عناصر عسكرية من الجمارك من ضمن المشتبه لهم، إلا أن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي إرتأ أن القضية هي من اختصاص النيابة العامة المالية، وهذا ما حصل بالفعل، ليبقى السؤال المطروح: هل سيصل هذا الملف وهو واحد من الآف ملفات الفساد وفي كل القطاعات والمجالات الى الخواتيم المرجوّة أي محاسبة الفاسدين ووقف هدر المال العام أقلّه اذا كنا لا نستطيع استرجاع ما سُرق ونُهب من جيوب المواطنين؟ من المؤسف القول إن التجارب السابقة، خصوصاً تلك المتّصلة بالنيابة العامة المالية لم ولا تشجع أبداً على التفاؤل.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: