على وقع الإنهيار المالي والإشتباك القضائي، تعود حركة الشارع مجدداً إلى الواجهة، ولكن وسط ظروف مختلفة عن فترة 17 تشرين الأول 2019، إذ أن حكومة تصريف الأعمال لن تقدم على الإستقالة تحت ضغط الشارع أو هستيريا ارتفاع الدولار، كما أنها لم تعلن حالة الإستنفار رغم التطورات الدراماتيكية المسجلة على كل المستويات في الأيام القليلة الماضية، حيث تكشف أوساط سياسية مطلعة، عن أن الساحة الداخلية تبدو في حالة سقوطٍ حرّ، بينما الحكومة تنأى بنفسها عن كل هذه الأزمات، وتعاني حالة إرباكٍ واضح في مقاربتها، بينما الظروف الصعبة تستوجب حالة طوارىء على كل المستويات.
وتعتبر هذه الأوساط، أن الصراع السياسي والإنقسام الواضح بين المكونات السياسية والحزبية للحكومة، قد أدخل حكومة تصريف الأعمال في متاهة "الميثاقية"، وبالتالي، فإن كل الجهود والإجتماعات والنقاشات والتقاطع على أولوية تأمين انتظام عمل المؤسسات، لم تنجح إلى اللحظة، في تأمين المناخ المناسب للجلسة الثالثة لحكومة تصريف الأعمال، والتي كانت ستُعقد خلال الأسبوع الحالي، ولكن تمّ تأجيلها بنتيجة التطورات القضائية الأخيرة، وما شهده ملف انفجار مرفأ بيروت من مستجدات وحملات وخلافات طاولت الجسم القضائي، كما الساحة السياسية، وامتدت تردّداتها إلى الشارع.
وبالتالي، تشير الأوساط المطلعة نفسها، إلى أن معاودة الحكومة لاجتماعاتها اليوم، ترتدي أهميةً مضاعفة نظراً للتحديات الخطيرة التي باتت مُدرجة على جدول الأولويات الداخلية وليس الحكومية فقط، بعد الإرتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار، والذي يستدعي اتخاذ الإجراءات لمنع المزيد من الإنزلاق، وذلك عبر الحكومة بشكلٍ خاص، خصوصاً في ضوء ارتفاع أسعار المحروقات والأدوية، وصولاً إلى السلع الغذائية، ما يهدِّد الأمن الإجتماعي ويُنذر بزيادة عدد الأزمات وخصوصاً تلك المتصلة بملف الكهرباء.
وعليه، تتوقع الأوساط نفسها، أن تجتمع حكومة تصريف الأعمال في الأسبوع المقبل، رغم اعتراضات "التيار الوطني الحر" التي ما زالت على زخمها السابق، على أن يشمل جدول الأعمال بنوداً عدة، وأبرزها ملف أساتذة التعليم الرسمي، والذي يتقدم على ما غيره من ملفات، إلى جانب ملف الكهرباء، وإن كان الجدول النهائي لم يُنجز بعد.
وعلى هذا الصعيد، فإن الجلسة الحكومية المقبلة، تُضيف الأوساط السياسية نفسها، ستسلك طريقها باتجاه الإنعقاد وسيكون النصاب مؤمناً، وفق هذه الأوساط، التي تؤكد أن الوزراء المحسوبين على "التيار الوطني الحر"، والذين يعترضون ويقاطعون من الناحية المبدئية، أي جلسة لحكومة تصريف الأعمال بحجة أنّها فاقدة للميثاقية وتنتهك صلاحيات رئاسة الجمهورية، سيشاركون في الجلسة المقبلة أو على الأقل، سيؤمنون النصاب لانعقادها، خصوصاً وأن تسيير شؤون المواطنين، وبشكلٍ خاص على مستوى الكهرباء، وذلك في إطار اللجنة الوزارية المكلفة بهذا الملف، لا يلاقي أي اعتراض من قبل وزراء "التيار الوطني"، وذلك سيجعل من الجلسات الحكومية، أمراً واقعاً في المرحلة المقبلة.
