إثر إسقاط المنطاد الصيني مؤخراً فوق الأجواء الأميركية، واتهام واشنطن بيجين بالتجسّس عبر هذا المنطاد على أمن الولايات المتحدة، والتهديد الأميركي بالردّ وتوتّر العلاقات الأميركية- الصينية، توالت على وتيرة شبه يومية الأخبار عن إسقاط الأميركيين والكنديين أجساماً غريبة فوق أراضيهما.
وفي وقت تكتّم البنتاغون الذي يتولّى، بأمر من الرئيس الأميركي جو بايدن، تدمير كل جسم غريب بالتعاون والتنسيق مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، إنطلاقاً من الحلف العسكري الجوي الفضائي المشترك بين البلدين المعروف بنوراد NORAD (NORTH AMERİCAN AEROSPACE DEFENSE COMMAND )، فإذا بالصحافة الأميركية وبعض الصحف العالمية تطلق العنان لتقديرات بوجود أجسام فضائية يتم استهدافها من الجيشين الأميركي والكندي.
ما يمكننا الجزم فيه أن ﻻ كائنات فضائية تغزو الأرض، وبالتالي كل ما يُحكى عن أجسام فضائية غير صحيح، فأين الحقيقة ؟
البنتاغون يسقط أهدافاً ولا يعرف ما هي، وقد طلب مهلة لتفحّص حطام تلك الأجسام ليستطيع الجيش الأميركي تكوين فكرة واضحة عن طبيعة وماهية هذه الأجسام التي يُصار الى ضربها وإسقاطها.
وزارة الدفاع الأميركية كانت قد أصدرت في وقت سابق بياناً تفيد فيه أنه تم رصد كائنات فضائية بالفعل، وتم تصويرها وعرضها على موقع " فايس " العسكري، وقد اطلع الكونغرس على تلك المعلومات، ما زاد الشكوك بوجود كائنات فضائية ﻻ سيما مع غياب أي موقف صيني عن مسؤولية بيجين عن تلك الأجسام على غرار ما فعلته مع المنطاد الأول.
ومع غياب أية تفاصيل عن تلك الأجسام التي يتم إسقاطها، بدأ الإعلام الأميركي يتكلم عن أهداف غير معلومة لغياب أي توضيح من وزارة الدفاع الأميركي، وتريّث السلطات المختصة في إعطاء أية معلومات توضيحية.
الفارق بين الأطباق الفضائية التي أسقطها الجيش الأميركي والتي أُبلغ بها الكونغرس منذ فترة كانت أجساماً تحلّق على علو مرتفع وبسرعة كبيرة، بينما الأهداف التي تم إسقاطها مؤخراً كانت تحلّق على علو منخفض وبسرعة بطيئة لا تتجاوز 60 كلم بالساعة، ما أمكن إسقاطها بسهولة.
من المؤكد أن كل الأجسام التي تم إسقاطها الى الآن هي بالونات وﻻ شكل آخر لها، وقد نفت المتحدثة بإسم البيت الأبيض كارين جان بيير علناً وصراحةً وجود كائنات فضائية في آخر إطلالة إعلامية لها من على منبر البيت الأبيض، معلنةً إسقاط أهداف ﻻ علاقة لها بأطباق طائرة أو كائنات فضائية.
حتى مسؤول الأمن القومي الأميركي جون كيربي نفى وجود أطباق طائر،ة متحدثاً عن أجسام غير معلومة، ومتجنّباً الخوض في تفاصيل أكثر على اعتبار أن الأجسام التي تم إسقاطها أصغر حجماً من البالون الصيني الأول، ولكون تلك البالونات ليست بالونات تجسّس إنما من النوع الذي يُستخدم لضبط الأرصاد الجوية أو ذات أغراض مدنية علمية وبالتالي ليست بأهداف ذات شأن.
من هنا يمكن الإستنتاج أن تلك البالونات التي يتم إسقاطها هي على أقصى تقدير بالونات أبحاث أميركية تم إطلاقها، وحتى لو فرضنا جدلاً أنها صينية إﻻ أن طبيعتها أقل إضراراً من البالون الأول الذي اعترفت به الصين.
والجدير ملاحظته أن تكاثر عمليات إسقاط البالونات في الأيام القليلة الأخيرة مردّه الى عملية تطوير تكنولوجيا أميركا للرصد الجوي، إذ وفي ضوء اختراق المنطاد الصيني المرة الأولى تنبّهت السلطات الأميركية العسكرية الى ضرورة تعديل منظومة المراقبة الفضائية أو ما يُسمّى بنظارات آلات المراقبة لتتمكّن التردّدات الرادارية من رصد أي جسم مهما صغُر حجمه، ما جعل السلطات العسكرية الأميركية عند كل رصد لجسم تتولى إسقاطه، وهذا ما يفسّر تكاثر عمليات الأسقاط الأخيرة.
يبقى أن نتائج التحاليل لحطام الأجسام التي يتم إسقاطها ستأتي في الأيام القلية المقبلة بالإجابات الصحيحة حول طبيعة تلك الأجسام، ما من شأنه إيقاف التكهنات والشائعات حول وجود غزو فضائي للأرض.