وصف الكاتب والمحلّل السياسي الياس الزغبي واقع الخلاف المعلن بين حزب الله والتيار الوطني الحر، بأنه يحمل في طياته تفسيرين: الأول أن هناك انشقاقاً واسعاً بين الفريقين في الشؤون السياسية مثل رئاسة الجمهورية والحكومة والتشريع و"بناء الدولة"، أما التفسير الثاني فيبدو أن الانسجام مستمر حول مسألة "حماية ظهر المقاومة" كما يكرّر رئيس التيار جبران باسيل وبعض نوابه، لذلك فإن الدخول في حقيقة الصراع بينهما يكشف أن التيار لا يزال رهينة توقيعه على البند العاشر من ورقة التفاهم، ومتمسكاً بتغطية سلاح حزب الله بعد مرور 17 سنة على توقيع الورقة.
الزغبي وفي حديث عبر LebTalks، إعتبر أن الوضع الحالي يريح حزب الله كثيراً، فهو لا يطلب من التيار العوني أكثر من هذا الغطاء ولو كَابرَ مراراً بأنه لا يحتاج الى مَن يحمي ظهره بل مَن لا يطعنه بظهره"، مشيراً الى أن "التيار الوطني الحر إزاء هذا الواقع، بات أمام إزدواجية صعبة، فهو من جهة يرفض سياسة حزب الله في دعم خصمه للرئاسة سليمان فرنجية وفي دعم اجتماعات الحكومة ومحاولة التشريع في مجلس النواب والأسوأ من كل ذلك هو اتهام التيار لحزب الله بأنه لم يساهم في بناء الدولة، معتبراً أن المغالطة الخطيرة هنا تكمن في أن هذا التيار يريد من ميليشيا أو من سلاح غير شرعي أن يبني الدولة، وهذه مفارقة خطيرة تُعتبر من أخطر العناوين السياسية التي رفعها هذا التيار منذ سنوات".
ورداً على سؤال حول اعتماد باسيل سياسة الهجوم على الحزب لإظهار صورة معارضة له ترفع عنه العقوبات، قال الزغبي: "لا شك أن رئاسة التيار العوني تعمد الى ابتزاز حزب الله في مسألة رفع العقوبات الأميركية وفي مسألة الخيار الرئاسي، ولكن في المقابل لا يستطيع رئيس التيار أن يبّتز حزب الله على أي مستوى طالما أنه يجاهر بدعمه هذا السلاح، فبين السيادة والسلاح غير الشرعي ليس هناك منطقة رمادية يستطيع التيار الاستقرار فيها، لأنه ملزمٌ بأحد خيارين: فإما الاستمرار بدعم السلاح غير الشرعي على الرغم من الخلافات السياسية الأخرى، وهذا يفقده الكثير من العطف الشعبي والمكاسب السياسية، وإما سيجد نفسه مضطراً للالتحاق بالقوى السيادية التي تسعى الى رئيس جمهورية سيادي"، وفي هذه الحالة، يتابع الزغبي، "سيكون التيار في الموقع الثاني أو الثالث وليس في الموقع الأول، وهذا أيضاً سيُفقده الكثير على المستويين الشعبي والسياسي، وعليه فهو في ورطتين شعبية وسياسية أحلاهما مرّ."
وإعتبر الزغبي أن هناك تخبطاً داخل التيار في حسم خياراته بالنسبة الى ورقة التفاهم مع حزب الله، فعلى صعيد القاعدة الشعبية هناك نفور واضح من سياسة حزب الله، أما على الصعيد القيادي فهناك انقسام بين نواب كانوا في الأساس وازدادوا اليوم نفوراً من حزب الله، بينما يحتفظ رئيس التيار ببضعة نواب وكوادر أساسية داخل التيار يأخذهم بشكل أعمى بسياساته العشوائية.
وحول ما اذا كان الحزب يميّز بين العلاقة مع الرئيس ميشال عون والعلاقة مع النائب باسيل، قال الزغبي: "حزب الله يحاول استعمال نوعٍ من سياسة "فرّق تَسد" داخل التيار العوني وهو يعمل على مستويين: المستوى الأول الرئيس ميشال عون شخصياً باعتبار أن هناك علاقة شخصية مع الأمين العام لحزب الله ويمكنه التأثير على باسيل باستخدامه العلاقة الشخصية مع ميشال عون، هذا فضلاً عن أن حزب الله يملك ودائع نيابية داخل التيار العوني بما لا يقل عن 6 أو 7 نواب، خصوصاً في بعلبك الهرمل وزحلة والبقاع الغربي وبعبدا وجبيل وحتى بين البترون والكورة، حيث يوجد مئات الأصوات التابعة لحزب الله".
وفي الختام، يؤكد الزغبي أن العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر هي اليوم في غمرة الخلاف السياسي، أما الخلاف الاستراتيجي فليس وارداً في الأفق المنظور لأن التيار العوني ملزمٌ ومعتقلٌ بالبند العاشر من ورقة التفاهم وهو بند السلاح، وحين يتمتّع بالجرأة السياسية الكافية ويعلن جهارة أنه عطّل وفكّك هذا البند عندها يمكن القول إن الصراع بات عميقاً ولا رجعة فيه وهناك طلاق كامل بين الطرفين، أما ما دون ذلك فإن التحالف الاستراتيجي سيستمر الى ما شاء الله.