رسمياً، قررت الدولة التدخل لوضع حد لملاحقات النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون للمصارف، في خطوة بدت ضرورة لعودة البنوك العاملة الى فتح ابواب واستئناف النشاط المصرفي والتجاري، وهذه الخطوة تبدو مطلوبة بدورها، من مصرف لبنان، ليتمكن من المساهمة، مع الإجراءات القضائية بحق المضاربين من الصيارفة على العملة الوطنية، من الحد بالتلاعب بالدولار، الأمر الذي يهدد ما يتخذ من اجراءات سواء في ما خص دعم رواتب موظفي الفئات المتعددة في القطاع العام، او خطة الكهرباء المهددة، بالهوة ما بين سعر الكيلوواط على صيرفة + 20% والتحليق الخطير لسعر الصرف في السوق السوداء، وما «فوق السوداء» وليس الموازية، كما يشاع على لسان اقتصاديين وخبراء ماليين ونقديين.
على ان الاخطر لجوء القاضية عون الى تدويل الخلاف الذي تسببت به مع الرئيس نجيب ميقاتي بعد كتابه الى وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال القاضي بسام المولوي، ومطالبته بـ«اتخاذ ما يلزم من تدابير واجراءات» تجيزها القوانين والانظمة المرعية الاجراء في سبيل تطبيق احكام القانون، والمنع من تجاوزه والمحافظة على حسن سير العدالة، عبر مناشدة السلطات الدولية في البرلمان الاوروبي للمساعدة في الدفاع عن سيادة القانون، مشيرة الى ان «ميقاتي يتدخل بشكل فاضح في العدالة من اجل وقف التحقيقات التي اجرتها في قضية البنوك وتبييض الأموال، من خلال مطالبة الوزير مولوي بعدم تنفيذ اوامر مدعي عام جبل لبنان».
لكن الحاكمة بأمر القضاء القاضية عون، لم تكتفِ بشكوى الرئيس ميقاتي أمام البرلمان الأوروبي، بل قالت ان لا كتاب ميقاتي ولا غيره سيثنيها عن الاستمرار في عملها، وملاحقة كل متورط في سرقة الناس والدولة.
واشارت عون لموقع الانتشار الى ان «ما اقدم عليه الرئيس ميقاتي لن يمر مرور الكرام ومن يعش يرَ».
وعلى الفور، طلب الوزير مولوي من المديرية العامة للامن الداخلي والمديرية العامة للامن العام التقيد بمضمون كتاب الرئيس ميقاتي وعدم مؤازرة او تنفيذ اشارة او قرار يصدر عن النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية عون، لحين بت المرجع القضائي في ملف تقديم طلب مداعاة الدولة بشأن المسؤولية الناجمة عن اعمال القاضية عون.
ووفق معلومات «البناء» فإن باب الخيار القانوني بتنحية القاضي عون عن الملف مقفل ولا إمكانية للمدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات تنحية القاضية عون، لذلك لجأ ميقاتي الى تسوية عبر الاستعانة بالأجهزة الأمنية والطلب منها عدم التجاوب مع استدعاءات القاضية عون، الأمر الذي سيفتح الباب أمام فك إضراب المصارف بعد تلقيها ضمانات قانونية وأمنية، وبالتالي عودة الأمور إلى طبيعتها وفتح المصارف أمام المواطنين لإجراء العمليات المالية من تحويلات وسحوبات ومنصة صيرفة».إلا أن مصادر مطلعة على الملف أوضحت لـ«البناء» أن المصارف بهذه التسوية فرضت شروطها على الدولة والحكومة وعلى القضاء، بعد استخدامها أسلوب ابتزاز الدولة بالمواطنين ورواتبهم وودائعهم ولقمة عيشهم بعدما أدى الإضراب ومضاربات المصارف في السوق السوداء الى ارتفاع جنوني بسعر صرف الدولار وارتفاع عشوائي بأسعار المواد الغذائية والمحروقات والخبز»، مشيرة الى أن «المصارف كسبت وقف المسار القضائيّ ضدها وأبقت الودائع بحوزتها وتعرقل التحقيقات اللبنانية والأوروبية بعمليات تبيض أموال وفساد وتعطل إقرار الكابيتال كونترول إذا لم يُقرّ بالصيغة التي تصبّ في مصلحتها وبالتالي تنسف خطة التعافي المالي والاتفاق مع صندوق النقد الدولي ولم تفعل أي شيء تجاه التضخم وارتفاع الدولار».ووفق معلومات «البناء» فإن مصرف لبنان وبعد إنجاز التسوية «السياسية – الأمنية» لأزمة المصارف والقضاء، سيعلن عن سلسلة إجراءات وقرارات وتعاميم ستلجم سعر الصرف وستؤدي الى تراجعه الى حد كبير لتنفيس الاحتقان الشعبي.
