خطة تصدير الثورة الإيرانية…الى مرحلتها الخامسة في لبنان

علم-ايران

بقلم جورج أبو صعب

منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران وأبرز مهامها تصدير الثورة الى العالمَين العربي والإسلامي.
وللتذكير، نعيد القارىء بالذاكرة الى ما نشرته مجلة البيان الإماراتية في عددها رقم (78) تحت عنوان : "الخطة السرية للآيات في ضوء الواقع الجديد "، حيث نجد نص رسالة موجهة من مجلس الشورى للثورة الثقافية الإيرانية الى المحافظين في الولايات الإيرانية في عهد الرئيس خاتمي، ومما جاء في الرسالة :
" … نحمل واجباً خطيراً وثقيلاً هو تصدير الثورة وعلينا أن نعترف بأن حكومتنا، فضلاً عن مهمتها في حفظ استقلال البلاد وحقوق الشعب، فهي حكومة مذهبية ويجب أن نجعل تصدير الثورة على رأس الأولويات … ولذا فقد وضعنا خطة خمسينية تشمل خمس مراحل، مدة كل مرحلة عشر سنوات لنقوم بتصدير الثورة الإسلامية الى جميع الدول المجاورة … والهدف هو فقط تصدير الثورة وعندئذ نستطيع أن نظهر قيامنا في جميع الدول وسنتقدّم الى عالم الكفر بقوة أكبر ونزيّن العالم بنور التشيّع حتى ظهور المهدي المنتظر …"

انطلاقاً من هذا المعطى العقائدي الفكري التوسّعي، رُسمت الخطة الخمسينية ( أي مدتها خمسون سنة ) المتضمنة خمس مراحل للسيطرة على العراق ودول الخليج ولبنان.
ولمواكبة تطور الخطة وإثبات وصولها الى المرحلة الخامسة في لبنان لا بد من استعراض سريع للمراحل الأربع السابقة:

المرحلة الأولى وتسمّى مرحلة التأسيس ورعاية الجذور، تقضي بأن بتأمين مساكن وأعمال لمصدري الثورة المهاجرين الى الدول المستهدفَة، ثم إنشاء العلاقة والصداقة مع أصحاب رؤوس الأموال والمسؤولين الإداريين في تلك الدول، ومن ثم العمل على خلخلة التركيبة السكانية عن طريق تشتيت مراكز تجمّعات أهل البلاد وإيجاد تجمّعات مذهبية في الأماكن المهمة.
وبنظرة سريعة الى نمو وتطور شبكة علاقات حزب الله، نجد أن متطلبات المرحلة الأولى قد اكتملت على أكمل وجه منذ سنوات طويلة.

المرحلة الثانية وتسمّى مرحلة البداية، وفيها يتوجّب العمل من خلال القانون القائم في كل دولة وعدم محاولة تجاوزه، ومحاولة التسرّب الى الأجهزة الأمنية والحكومية، والسعي للحصول على الجنسية المحلية للمهاجرين المولجين بمهمة تصدير الثورة.
والخطير في هذه المرحلة أنها تتسبّب بإثارة اضطرابات وتحريض الدولة على المذهب الآخر ووقوع البلاد في حالة من انعدام الثقة بين الحاكم والمحكوم.
وأيضاً واذا استعرضنا مسيرة حزب الله نجد أن مقتضيات المرحلة الثانية قد اكتملت على وجه تام في لبنان.

المرحلة الثالثة والمسمّاة بمرحلة الإنطلاق، تقضي بترسيخ العلاقة بين الحكام ومصدري الثورة وتعميق التغلغل في أجهزة الدولة وتشجيع هجرة رؤوس الأموال الى إيران، ثم ضرب اقتصاديات تلك الدول بعد السيطرة عليها،
وقد أكتملت المرحلة الثالثة بدورها في لبنان خاصة وقد انبثق عن مسيرة تصدير الثورة انقسام داخل المذهب السنّي بين موالي للجمهورية الإسلامية في إيران ومقاوم لها، وقد فُتحت أبواب الاستثمارات التجارية والإقتصادية أمام زعماء فلسطينيين في إيران من محور الممانعة والمقاومة.

المرحلة الرابعة وتسمّى مرحلة بداية القطاف، والتي تتميز بالوصول الى المواقع الحكومية الحساسة وشراء الأراضي والعقارات وازدياد سخط الشعوب على الحكومات بسبب ازدياد نفوذ مصدّري الثورة في الدول التي هم فيها، وما يحدث في لبنان خير مثال على مسألة شراء الأراضي والعقارات وسيطرة حزب الله المبطّنة على مفاصل الدولة وقرار الحرب والسلم والحكم المباشر وغير المباشر من خلال عملاء وحلفاء من مذاهب أخرى حتى مسيحية.

ونأتي الى المرحلة الخامسة والأخيرة من الخطة الخمسينية وتسمّى مرحلة الانضاج، وفي هذه المرحلة
تقع الاضطرابات الشديدة
فتفقد الدولة عوامل قوتها ( الأمن والاقتصاد )،
وبسبب الاضطرابات يتم اقتراح تأسيس مجلس شعبي ( نواة الثنائية الشيعية في لبنان )
يسيطر على المجلس أتباع تصدير الثورة الذين يقدمون أنفسهم على أنهم مخلّصين لمساعدة الحكام على ضبط البلاد ( في لبنان تعاون رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع حزب الله في إدارة الملفات الكبرى في الدولة راهناً، وفي العراق تعاون الحكومة مع إيران وممثليها في بغداد من جبهات سياسية موالية )،
وبعد السيطرة الهادئة على مفاصل الدولة العليا … وهكذا يتحقق هدف تصدير الثورة بهدوء مع الإبقاء على استعمال القوة المادية من خلال التلطّي وراء ثورة شعبية تمكنهم أكثر فأكثر من سرقة السلطة من حكامها.

لبنان والعراق هما راهناً أمام هذه المرحلة الخامسة، وسوريا قطعت الأشواط المتقدمة في الوقوع في قبضة إيران مثلها مثل اليمن، وبذلك يجب أن لا نتوقع تراجعاً لحزب الله في لبنان ولأتباع إيران في العراق في هذه المرحلة التي هي الغاية العليا في مشروع تصدير الثورة والمرحلة الخامسة ختامها.
ومن هنا، نفهم تعقيدات المرحلة الحالية في لبنان على مستوى إدارة البلد ومستوى انتخاب رئيس للجمهورية، فالحزب الذي كان يتلطّى وراء التيار الوطني الحر للزود عن رئاسة المسيحيين للبلاد بات، ومع تأزم العلاقة مع التيار ورئيسه، بحِلٍ من أي التزام بتأمين انتخاب رئيس لا يستجيب في هذه المرحلة الخامسة لمتطلبات سيطرته واستكمال قبضته على البلاد، وهنا مكمن الخطورة القصوى التي يمرّ بها الوضع اللبناني برمّته، والذي اذا استمر من شأنه إسقاط صيغة الحكم الحالية والذهاب الى صيغ جديدة لإعادة تركيبة الكيان اللبناني على أسس فدرالية أو لا مركزية جديدة.

نحن أمام مفصل مصيري في لبنان كما في المنطقة … بين سطوة نظام إسلامي في إيران ليس مستعداً مع ميليشياته في المنطقة ولبنان منها، للتسليم السهل باستحالة استمراريتهم وبين عدم نضوج البديل العربي- الإقليمي- الدولي في ظل انهماك كل محور بمشكلاته وحروبه واهتماماته المصيرية.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: