"الثنائي" لفرنجية: اللهم بلّغت اللهم فاشهد

IMG-20230307-WA0008

إن أراد الثنائي الشيعي درس السيرة الذاتية للزعماء المسيحيين الحلفاء لسوريا في زمن الحرب والسلم لن يجد من يتقدّم على زعيم "تيار المرده" سليمان فرنجية في "الوفاء والولاء" ولا من يملك مواصفاته. ففرنجية سليل بيت ماروني إقطاعي سياسي عريق، وهو الجيل الثالث في العلاقة مع آل الاسد منذ لجوء سليمان الجد الى سوريا عقب مجزرة كنيسة مزيارة عام 1957.

كما أن فرنجية الوحيد بين التركيبة المسيحية البديلة التي إعتمدها نظام الاسد في مرحلة التسعينات - في ظل وجود الرئيس امين الجميل والعماد ميشال عون في المنفى والدكتور سمير جعجع في المعتقل - الذي لديه مشروعية إقطاعية وميليشياوية ولا غبار على عدائه لإسرائيل ولا علاقات سابقة له معها. لذا لو إستطاع "الثنائي" إيصاله الى بعبدا لما تردّد للحظة بالدعوة الى جلسة لإنتخاب رئيس للجمهورية منذ الاول من أيلول 2022.

بالطبع كان "حزب الله" يطمح لمواصلة الإمساك بورقتي "الغطاء المسيحي" عونياً و"الولاء والوفاء للخط" التي يجسد فرنجية أفضل نموذج لها. لكن تجري رياح التنافس بين فرنجية وخليفة عون صهره النائب جبران باسيل بعكس ما تشتهي سفن "الحزب" الذي أرادها مضبوطة. لذا إن إضطر للمفاضلة بينهما مرغماً في هذه الظروف، فالأولوية لفرنجية حكماً.

فزعيم "المرده" هو الاصلب الذي لم يقطع التواصل بالشخصي مع الرئيس السوري بشار الاسد في عزّ محنته ولم ولن يخرج عن "الخط" حتى حين تقرّر الاستغناء عنه لمصلحة إيصال عون الى رئاسة الجمهورية عام 2016 . فرنجية لا يبيع "المقاومة" ولا يتودّد لإسرئيل أو يقول ان "الخلاف مع إسرائيل ليس أيديولوجيا (…) نحن لا نرفض أن يكون هناك وجود لإسرائيل وبحقها بالعيش بأمان" كما اعلن باسيل عبر "الميادين" في 26-12-2017. كما أن فرنجية كرّر مراراً: "انا ما بترك حزب الله لا هلق ولا بوكرا ولا بعد مئة سنة"، ومواقفه على سبيل المثال في ذكرى عيد المقاومة والتحرير خلال لقاء في الجامعة اللبنانية في الحدت في 22/5/2013 كانت واضحة: "نحن مع المقاومة من لبنان الى القصير(…) ومع المقاومة لو بعد مئة سنة ولو قبل مئة سنة لان هذا خيار استراتيجي إخترناه وليس قرارا لمصلحة أنية (…) ولاد ولادنا سيحسدونا اننا عشنا في زمن السيد حسن نصر الله".

لذا لا مرشح ماروني ولا حتى باسيل ينافس فرنجية على "الولاء والوفاء" سياسياً وإن كانا يتنافسان على الزبائنية ومنطق "عدة الشغل" في إدارة الدولة وعلى التطاول على بكركي بين تيار أنتهك حرمتها مادياً ومعنوياً وتيار طوّب زعيمه بطريركاً وبلغ إسفافه حد إستخدام الالفاظ الجنسية. من هنا، وفي ظل المشهد الدولي والاقليمي وخلط الاوراق المقلق، لن يجد السيد حسن نصرالله أفضل من فرنجية لــ"حماية ظهر المقاومة".

إلا أن اللقاء الخماسي في باريس وأصداءه في عين التينة وحارة حريك من جهة والانهيار المتسارع في لبنان الذي يقض مضاجع حتى البيئة الحاضنة لـ"حزب الله" – وخير دليل أن ظاهرة الانتحار المتنامية عابرة لكل الطوائف ولا يردعها "نصر إلهي" او "مقاومة إسرائيل" – دفع ببري ونصرالله الى ترشيح فرنجية بعد مضي أكثر من 5 اشهر على تغليفه بالورقة البيضاء.

وفق الوقائع، حظوظ فرنجية تتراجع تدريجياً وتكاد تصبح شبه معدومة وما ترشيحه من "الثنائي" - اليوم وليس أمس - سوى رفع عتب ودغدغة لتوهّم "المرده" ان الرئاسة "بالجيبة". الانهيار والفواجع الاجتماعية تضع جميع الاطراف اللبنانية في الزاوية ووحدها قد تحرّر بعبدا من رئاسة الفراغ. لذا ديمومة ترشيح "الثنائي" لفرنجية مسألة وقت قبل أن يضطر مرغماً أن يقول له: "اللهم بلّغت اللهم فاشهد"… وغداً لناظره قريب.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: