في الوقت الذي وصل فيه عدد الأشخاص الذين أقدموا على الانتحار خلال شهر شباط 2023 إلى 11 شخصاً، بلغ عدد الذين أقدموا على الانتحار خلال أول أسبوع من شهر آذار الجاري 10 حالات انتحار في مُختَلَف المناطق اللبنانيّة.
وللخوض أكثر حول هذه الظاهرة " الخطرة" و ارتفاع حالات الانتحار في لبنان، كان لموقع LebTalks حديث مع الدكتورة في علم النفس العيادي والمعالجة النفسيّة رنا حدّاد، التي أكّدت أن أسباب عدّة قد تدفع الشخص الى الإقدام على هذه الخطوة، إلى جانب أولئك الذين يعانون من مشاكل عقلية وإضطرابات أو اكتئاب أو إدمان على الكحول أو المخدّرات، أو حتّى أشخاص عانوا أو يعانون من صعوبات متكرّرة فيما يخص علاقاتهم من محيطهم، "إلّا أن هناك أشخاصاً أيضاً يلجؤون الى الانتحار من دون أن يكونوا قد عانوا أو يعانون من أي اضطراب أو مشكلة نفسيّة أو عقليّة. ومن بين الأسباب، قد تكون الصعوبات التي يعيشها الأشخاص على الصعد المختلف، سواء مادّيّة أو عاطفيّة أو مهنيّة لأنها تشكّل ضغطاً هائلاً على صاحبها، والخطر يكمن في أن عدداً من الذين يقدمون على الانتحار يعانون من تراكم بعد التأثيرات التي يحملونها منذ الطفولة، بحيث لم يتعلّموا خلال تلك الفترة الطريقة السليمة لتخطّي المصاعب التي قد تواجههم في الحياة".
وفي مسعى لتفادي الوصول إلى فعل الانتحار، تقول حدّاد أنه "قد يمرّ الشخص بفترة تعبير عن رغبته بالانتحار، عندها يجب أن نستمع اليه عند التعبير عما في داخله من دون أي أحكام مسبقة، لأنه حينها سيكون بحاجة ماسّة لأن يسمعه أحد ويعبّر عن كل ما في داخله من مكنونات كي يرتاح ويفرّغ ما يكبت داخله، والأهم هو إرشاده لاستشارة مختصّين لمساعدته أكثر على الخروج مما يمر به". وعن العلامات التي يمكن أن تظهر على شخص لديه رغبة بالانتحار، تشير حدّاد إلى أنه " من الممكن أن يعبّر الأشخاص عن يأسهم وفقدان الأمل، أو الإشارة الى أن الحل الوحيد لما يمرون به هو الموت، ومن الأعراض أيضاً المعاناة من قلق وشعور دائمين بالذنب والعزلة، ويمكن للشخص الذي تراوده فكرة الانتحار أن يستخدم عبارات مثل "عبالي موت"، "ما بقى فيي إتحمّل"، "ما حدا بحس فيي"، "ما حدا بيفهمني"".
وفي السياق نفسه، تشير حدّاد إلى أنه من الضروري ملاحظة هذه التغيّرات وغيرها خصوصاً الفجائية منها والتي تظهر على الشخص في المزاج أو في طريقة التعبير.
وتختم حدّاد لافتةً إلى أن "العلاج النفسي مهم وأساسي جداً، ويمكن أن يترافق مع جلسة مع طبيب نفسي، خاصةً إذا كان هناك تفكير أو محاولة انتحار، اذ بإمكان الطبيب النفسي أن يعالج هذه الأفكار ومظاهر الاكتئاب والاضطراب التي يمر بها الشخص المعني كي يتمكّن من العودة إلى حالة التوازن في حياته".
تبقى الإشارة الى أن ما نمرّ به جميعنا ليس قليلاً ولا بسيطاً، لكن علينا البقاء متراصّين جنباً إلى جنب، محاولين مساعدة بعضنا البعض والاستماع إلى أي شخص يحتاج لأن يُسمَع ويعبّر عن ما بداخله، فالكثير من الجمعيات المختصة موجودة ومستعدّة لأي مساعدة لأيٍّ كان، والكثير من التطبيقات والمواقع تسمح بالتعبير بحرّيّة وبأغلب الأحيان بسرّيّة عمّا في داخلنا، فببحث بسيط عبر غوغل نجد الكثير من المواقع التي تنشر شعارات " عبّروا… تكلّموا… صلّوا مئات المرّات قبل التفكير بإنهاء حياتكم، فلا شيء أغلى منها عليكم .. لا تفرّطوا بها ولا تستهينوا بأنفسكم!"