بقلم المحامي ميشال فلاّح
امتاز لبنان، ومعه بيروت، ومنذ عقود، بمؤسسات عريقة، تربوية واستشفائية واجتماعية.. انطلقت من إيمانها، لتكون خير من يحمله ويمثله.
مسيحياً وإسلامياً، لا فرق، فمتى كانت المبادرة وفق الإيمان الصحيح والحقيقي، فإنها ستلاقي الإنسان الآخر، بعمقه، بروحه، وبكرامته.
ولم تكن هذه المؤسسات، على تنوع رسالاتها، إلا ساحة تلاقي وطني، ومقلعاً لقامات أعطت الكثير للبلد، وللعالم. ولم تكن يوماً، طائفية بالمعنى السياسي القذر، أو العصبية الجاهلة، أو الحقد الاعمى، بل كانت عكس كل ذلك.
فالبيروتي المسلم، تعنيه مدراس “الفرير” و”السان جوزيف” و”زهرة الإحسان”، تماماً كمدارس “المقاصد”، وأكثر. والعكس بالعكس ايضاً.
من هنا، فإنه ليس نوعاً من المزايدة، أو “تبييض الوجّ”، أن يعتبر البيروتي المسيحي نفسه معنياً بأي اعتداء يطال هوية المؤسسات الإسلامية، التربوية والاستشفائية والاجتماعية، لأن دورها يتكامل والمؤسسات المسيحية، ففي جوهر العطاء والخدمة، لا فرق.
مناسبة الكلام، ما اقدمت عليه “جمعية المقاصد” لناحية تغيير إسم مدرسة “خديجة الكبرى”، المدرسة العريقة في بيروت، الى “ليسيه المقاصد”، في خطوة ليست الاولى تنتهجها الإدارة الحالية نحو نزع الهوية المقاصدية الإسلامية الخيرية، وقد بدأته حين حذفت آية قرآنية من شعار الجمعية، منذ أشهر خلت. وخديجة، هي أم المؤمنين زوجة النبي الكريم محمد.
والحديث عن “المقاصد”، جمعية وتاريخاً ودوراً وتراثاً، هو حديث وطني إسلامي إيماني جامع، عابر للحدود المذهبية والطائفية والمناطقية، لأنه يطال الإنسان المؤمن الحقيقي، ومن هنا، كل بيروتي مؤمن، معني بالذود عن الهوية الحقيقية لهذه المؤسسات العريقة، وفاءاً للكبار والشرفاء الذين كانوا خلف تأسيسها.
إدارة الجمعية مُطالبة باستدراك هذا المسار التشويهي لرسالة المؤسسة، والمبادرة نحو التمسك بالهوية الحقيقية لها، والالتزام برسالتها، والتحلّي بالحكمة، خصوصاً في هذه الظروف الاشبه بالتحديات الكبرى، وهي تطال كل اللبنانيين، في هويتهم ودورهم ورسالتهم.
لبنان، الرسالة، حافظوا عليه.
- رئيس تجمّع “بيارتة الخير”