جرائم “الشرف” ضد المرأة: ثقافة الإفلات من العقاب وتراخٍ قانوني ومجتمعي

IMG-20230330-WA0021

رغم أنّ اللبنانيين يعبّرون عن اهتماماتهم وآرائهم في العديد من المواضيع، إلا أنّ قضايا المرأة والجرائم التي تطالها تبقى في المستوى الثانوي، ولا يُولي معظم اللبنانيون اهتماماً أو وقتاً كافيين للموضوع.
آخر جريمة قتل شهدها لبنان كانت للسيدة زينب علي زعيتر إبنة ال 26 عاماً والأم لثلاثة أطفال أكبرهم يبلغ من العمر 7 سنوات، والذين قُتلت والدتهم أمام أعينهم، على يد زوجها المدعو حسن موسى زعيتر بجريمة “شرف”، بحسب وصف الجاني، كما أخ الضحية الذي تفاخر بصهره القاتل، وذلك بعد اتهامها بالخيانة.

وفي هذا السياق، قالت الناشطة النسويّة حياة مرشاد في حديث لموقع LebTalks إن “قصة زينب زعيتر ليست الأولى وحكماً لن تكون الأخيرة، فهي إسم يُضاف إلى ضحايا العنف الأسري وضحايا الغدر الذكوري، وإن استمرار هذه الجرائم سببه الأساسي هو ثقافة الإفلات من العقاب والتراخي القانوني والمجتمعي بملفات قتل النساء. صحيح أنه قانونياً أُلغيت المادة 562 من قانون العقوبات التي تبرّر ما يسمى ب”جرائم الشرف”، إلا أن هناك العديد من المواد في قانون العقوبات تعطي تبريرات وأسباب تخفيفية للقاتل، وبشكل أساسيّ موضوع الشرف والاضطرابات النفسية والعصبية وفورة الغضب التي يتم الاستناد اليها في هكذا جرائم لتبرير القتل، والثقافة المجتمعية أيضاً التي تشكّل مفرّاً لهؤلاء المجرمين الذين يتسترون وراء موضوع الشرف من أجل الهروب من العقاب، وللأسف فإن الثقافة الذكورية المجتمعية والعنف ضد النساء باتت ثقافة بنيوية متجذّرة ومهيمنة، وهذا ما سمح ويسمح اليوم لقاتل زينب بأن يقف جنباً إلى جنب مع أخيها للتذرّع بالدفاع عن الشرف هرباً من العقاب”.

مرشاد أشارت أيضاً إلى أن “تراخي القوى الأمنية في هذه الملفات بأغلب الأحيان وأعطاءها طابعاً أو حيّزاً خاصاً يشجّع أكثر على هكذا جرائم، والتراخي القضائي أيضاً، إضافة الى تغييب مثل هذه القضايا عن وسائل الإعلام والغوص في التبريرات في قضايا عديدة مماثلة، ومنها قضية زينب بحيث ركّزت غالبية وسائل الإعلام على النقل والبحث عن الدافع وراء جريمة القتل متناسين الجريمة والمجرم، من هنا نحن نحتاج فعلاً الى العمل من النواحي كافة على هذه القضايا بطريقة جذريًّة لكي لا تبقى مجتمعاتنا بيئةً حاضنة لجرائم قتل النساء”.
أما في ما يتعلّق بأطفال زينب الثلاثة الذين قُتلت والدتهم أمام أعينهم من قبل أبيهم، فتشير مرشاد الى أنه “في قانون العنف الأسري هناك مواد تتعلّق بحماية الأطفال وعرضهم على إختصاصيين نفسيين واجتماعيين، ومن الطبيعي أن يحصل ذلك مع هؤلاء الأطفال، إنما بالممارسة فهذا الأمر لا يحدث نظراً للسلطة الأبوية التي “تحتكر” الأطفال وكأن الأب يمتلك أولاده، وبذلك نلاحظ أنه، في غالبية الجرائم المماثلة التي حصلت، بقاء الأولاد مع الأب المجرم الطليق خارج السجن أو مع أحد أفراد عائلة الأب من دون أي مراقبة أو محاولة لمعالجة هؤلاء الأطفال نفسياً بعد تعرضهم للصدمات”.

قُتِلَت زينب زعيتر مرّتين في مسلسل لا ينتهي من قتل النساء وسط استهتارٍ قضائي ومجتمعي وحتّى سياسيّ في هذه القضايا، شأنها شأن أغلب النساء اللواتي قُتِلن وغابت العدالة بذريعة “جريمة الشرف”، فهل مَن يتحرّك لوقف هذه الجرائم؟ وهل سيبقى أطفال النساء المقتولات ضحايا أيضاً عقب هذه الجرائم؟ وأخيراً هل مَن يحمل هذه القضايا لإثارتها سياسيا واجتماعياً أم ستبقى مجتمعاتنا بيئة حاضنة لهكذا جرائم؟

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: