في حديث خاص لموقع lebtalks، أشار الكاتب والمحلل السياسي جورج أبو صعب الى أن الملف الرئاسي يعاني من تجاذبات لا تقتصر على المواقف السياسية المتباعدة، بل وأيضاً تشمل الدعاية الإعلامية التي تروّج للموضوع بمغالاة بلغت حد تشويه ليس فقط الاستحقاق الوطني والدستوري بل أيضاً تشويه مواقف القوى الإقليمية منه وعلى رأسها الموقف السعودي .
ما يهمنا توضيحه والتأكيد عليه من معطياتنا ومعلوماتنا الآتي :
لا تتوقعوا أن تعمل الرياض على الترويج لمرشح رئاسي لبناني كما تفعل إدارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون رغم بيان وزارة الخارجية الفرنسية الأخير، والذي حاول إقامة نوع من التوازن في الموقف الفرنسي المنحاز لترشيح سليمان فرنجية،
فالرياض تعتبر الاستحقاق لبناني- لبناني وهي لا تتدخّل فيه، لا داعمة ولا معرقلة ولا مسمّية، فالمملكة تتوقع من اللبنانيين الاتفاق على مرشح يصل الى بعبدا لتبني على الشيء مقتضاه سلباً أو إيجاباً من مواقف .
ويتابع أبو صعب "ثمة ميغالومانيا مفرطة يعاني منها البعض في لبنان وبخاصة لدى محور حزب الله وحلفائه بحيث يعتبرون عن خطأ أن ملف الرئاسة اللبنانية هو الشغل الشاغل للرياض، وأن الجهود السعودية تتركّز على انتخاب رئيس، تاركة جانباً ملفاتها الإقليمية الحيوية والملحّة وأولها الملف اليمني، فالملف العراقي ثم سائر الملفات.
حزب الله يريد موقف إذعان من القوى والأحزاب السيادية لصالح مرشحه سليمان فرنجية، وهو بذلك يكون المساهم الأول في حرق إسمه، فضلاً عن أن دعوات الحزب للتفاهم والتحاور تخفي حقيقة واحدة لم تعد خافية على أحد ألا وهي التسويق لفرنجية وليس الحوار للخروج بحلول أخرى أو مرشحين آخرين .
وردّاً على سؤال، إعتبر أبو صعب أنه ولو تكتّلت الدول الصديقة والحليفة للقوى والأحزاب السيادية لانتخاب فرنجية فهذا شأنهم جميعاً ولا يعني أبداً أن تنصاع تلك القوى والأحزاب للأمر الواقع هذا،
فلدى القوى السيادية والكتل الحزبية والسيادية النيابية المعارضة ما يكفي لتعطيل النصاب ونزع المشروعية وحتى الميثاقية عن أي جلسة انتخاب لفرنجية أو أي مرشح آخر لمحور الممانعة، بغض النظر عن مواقف الدول الحليفة والصديقة ومن دون التعويل على التيار الوطني الحر الذي قد يلتحق في ربع الساعة الأخيرة وتحت ضغط حزب الله بالجلسة الانتخابية، علماً أن لدى القوات اللبنانية وحدها عاملان مؤثران على الاستحقاق : الأول كونها تملك أكبر كتلة نيابية مسيحية عددياً، وعامل الثقل السياسي المسيحي تمثيلياً، وبالتالي ليس من السهل أبداً إضفاء مشروعية مسيحية على مرشح رئاسي لا يحظى بتأييد القوات، ناهيك عن التمثيل المسيحي المهم لحزب الكتائب اللبنانية والأحرار والمستقلين والتغييريين السياديين .
أبو صعب أشار الى أن موازين القوى البرلمانية الحالية ليست هي ذاتها التي سادت عام ٢٠١٦، فضلاً عن الظروف الإقليمية التي لم تعد متشنجة كما كانت آنذاك والتي ضغطت يومها باتجاه انتخاب ميشال عون، كما أن الثنائي الشيعي الى الآن أعجز من أن يدعو الى جلسة انتخاب مرشحه وفرضه دستورياً على المعارضة، والا لكان الرئيس بري دعا الى جلسة انتخاب منذ أسابيع .
المعادلة التي لا يريد محور حزب الله فهمها عن قصد هي التي تعتبر أن انتخاب سليمان فرنجية هو تمديد لعهد ميشال عون بكافة نتائجه الكارثية، فمَن يظن أن نفس الوسيلة أو أي مرشح من نفس المحور والنهج سيؤدي الى نتائج مختلفة هذه المرة إنما يخطىء ويجافي أبسط قواعد المنطق، مشيراً الى أن" المشهد اللبناني الحالي يعاني من تشويه وتزوير دعائي لتطورات الإقليم المتسارعة من طرف أبواق ٨ آذار وتداعياتها على الداخل اللبناني بهدف ممارسة الضغط النفسي على الرأي العام السيادي والمعارض لمحور إيران في لبنان، مؤكداً أن بشار الأسد أعجز من أن يعود الى ممارسة دور مؤثر وفاعل في المعادلة اللبنانية، وهو بالكاد ينجح في إطالة عمر نظامه بعض الوقت بمساعدة عربية وفي معالجة ذيول ونتائج انهيار دولته على الصعد كافة، نتيجة سياساته المتهورة والتي ربطت مصير بلاده وشعبه بصراعات إقليمية ودولية معقّدة،
وفيما اختيار الفراغ بدل وصول رئيس من محور المقاومة أفضل ألف مرة اذا كان الفراغ هو آخر الحلول، أكد أبو صعب أن الآوان لم يفت بعد لتوحيد المعارضة حول مرشح بالتنسيق مع النائب ميشال معوض لخوض مواجهة تنافسية ديمقراطية شريفة بعيداً عن لعبة الضغوط والابتزاز التي ينتهجها الثنائي الشيعي والدائرون في فلكه السياسي والإعلامي.
