تبيّن بالملموس أن جولة ولقاءات وزير الخارجية الإيراني حسين عبد الأمير اللهيان، كانت شبه عادية وتكراراً للمواقف السابقة واستعداد طهران لمدّ لبنان بالكهرباء، وغيرها من المواقف التي باتت لا تُسمن ولا تغني، كما تبيّن أيضاً أن مَن يدعم لبنان تاريخياً هي المملكة العربية السعودية ودول الخليج، فهي مَن ساعدت وساهمت في إعادة إعمار لبنان مراراً بعد الحروب المؤسفة التي مرّ بها البلد في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات وصولاً الى المرحلة الراهنة، وهي تحتضن أيضاً أكبر جالية لبنانية ترفد خزينة الدولة بتحويلات تُقدّر بنحو ستة مليارات دولار سنوياً، ما يعني أن هذه الجالية تشكل في الوقت عينه الداعم الأساسي لأهلها وذويها وعائلاتها في لبنان.
من هنا، فإن زيارة اللهيان جاءت في توقيت مفصلي، والتسوية ستكون ضمن اللقاء الخُماسي الذي انعقد في باريس وقطبها المملكة العربية السعودية التي تبقى اللاعب الأساسي في هذه المرحلة، ولا يمكن لأي طرف عربي ودولي وإقليمي أن يحل مكانها، بل هناك إجماع عربي وخليجي على دعم الموقف السعودي. ويبقى أيضاً أن عودة السفير السعودي الدكتور وليد البخاري الى بيروت شكّلت في الوقت نفسه منحى مهماً لما يحمله من معطيات وأجواء، وهو العالم بكل بواطن الأمور، ولديه الحنكة السياسية والدبلوماسية على إدارة الملف اللبناني وتدوير الزوايا بفعل علاقات المملكة الممتازة مع كل أطياف المجتمع اللبناني، وثمّة ترقّب للأيام القليلة المقبلة وما ستضفي اليه المواقف، وخصوصاً ما عاد به البخاري من الرياض، ناهيك عن مواقف الأطراف الداخلية والدول المشاركة في حل المعضلة اللبنانية، وتحديداً الدول الخمس، فهل هناك من لقاء لهذه الدول على مستوى وزراء الخارجية أو الممثلين الحاليين؟ كل ذلك ستتضح معالمه في وقت ليس ببعيد.
