ب الصباحية: لقاء مفصلي بين ماكرون والراعي.. والانعكاسات تتجلى قريباً

IMG-20230531-WA0000

قفزت تطورات الملف الرئاسي مجددا الى واجهة الأولويات الساخنة مع لقاء الاليزيه بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والبطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي عصر امس في تتويج للتحركات والتطورات الاستثنائية الأخيرة حيال الازمة الرئاسية. وبدا لافتا ان اللقاء عقد وسط كتمان شديد واكتفي بتوزيع الصور للاستقبال الرسمي الذي أقيم للبطريرك في باحة الاليزيه وصور المصافحة بين الرئيس ماكرون والبطريرك وأعضاء الوفد المرافق.
وعلمت "النهار" من مصادر سياسية معنية بمتابعة زيارة البطريرك الراعي لباريس ان اللقاء الذي دام ساعة وخمس دقائق بينه وبين الرئيس ماكرون اتسم بالصراحة حيث عرض الطرفان وجهة نظر كل منهما بالنسبة للشغور الرئاسي واتفقا على مواصلة المشاورات بينهما. فالرئيس الفرنسي شدد امام ضيفه على ان بلاده لا تدعم سليمان فرنجية او اي مرشح اخر بل انها تعتبره "الحل الممكن" بدلا من الفراغ الذي تتخوف منه وانه يعود الى الطبقة السياسية اختيار افضل المرشحين وتشكيل حكومة باسرع وقت ممكن.

ووضع ماكرون البطريرك الراعي في صورة تطورات اجتماعات باريس للمجموعة الخماسية والموقف الفرنسي والجهود المبذولة مع الاصدقاء الدوليين الذين تلاقوا على ان مصلحة لبنان تكمن في الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة. وفي السياق علم ان اجتماعا للمجموعة الخماسية سيعقد في الرياض خلال الايام المقبلة لبحث اخر المستجدات بعد اللقاءات العديدة التي حصلت في باريس وواشنطن والرياض والفاتيكان نظرا للتنسيق التام بين فرنسا والفاتيكان بشان الاستحقاق الرئاسي.

وتوضح هذه المصادر ان باريس تعلم ان فرنجية هو احد المرشحين الموارنة الذين قدموا اوراق اعتمادهم الى "حزب الله" والوحيد الذي نجح بهذا الامتحان . وتلفت باريس الى ان فرنجية هو احد المرشحين المسجلين على لائحة البطريرك اي ان لا اعتراض مبدئيا على ترشيحه. لذلك اعتبرت باريس انه "الحل الممكن". فباريس تخشى وتتخوف في ظل الوضع الاقليمي الحالي على مستقبل المسيحيين وهي على يقين ان "حزب الله" ليس على عجلة لسد الفراغ الرئاسي ويريد الذهاب الى الفراغ الذي سيؤدي الى مؤتمر تاسيسي يريد الحزب من خلاله تاكيد مكتسباته وهذا الواقع الجديد قد يؤدي الى خسارة المسيحيين العديد من مراكز الفئة الاولى والحساسة في الدولة.

وكشف مصدر فرنسي رفيع لـ"النهار" ان اللقاء كان جيدا وذكر الرئيس ماكرون بتعلقه بلبنان وبالروابط العميقة بين فرنسا ومسيحيي لبنان ودورهم في التوازن الطائفي والمؤسساتي في الدولة اللبنانية. وذكر ان فرنسا تسعى دائما الى حماية وحدة لبنان وسيادته والحد بالقدر الممكن من العواقب الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن التعطيل الحالي والازمة. وذكر بكل ما تقوم به فرنسا لدعم المدارس ومنها المسيحية. بالنسبة للموضوع الرئاسي كان هنالك توافق مشترك بين ماكرون والبطريرك على ضرورة الخروج من التعطيل وانتخاب رئيس بسرعة ما يتطلب حوارا بناء بين جميع الفرقاء يتيح التوصل الى هذا الانتخاب. ومن الاكيد في نظر الرئيس وضيفه ان للمسيحيين دورا في هذا الانتخاب كما باقي الفرقاء. وقد تطرقا الى النقاشات الدائرة حول المرشحين ومن بينهم اسم جهاد ازعور مع أسماء عديدة أخرى تم التطرق اليها. واكد المصدر ان موقف فرنسا هو ان مسوؤلية التوافق تقع على اللبنانيين وفرنسا لا تختار ولا تنتخب الرئيس. وقال المصدر ان على الأحزاب المسيحية اللبنانية ان تتوافق على مرشح مقبول من اغلبية النواب سواء ازعور او غيره فعلى الجميع في لبنان ان يعرفوا ان فرنسا لم ولن تقترح اسم مرشح.

اما البطريرك فعرض وجهة نظره بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية والمساعي التي قام وما زال يقوم بها من اجل التوصل الى مرشح يكون مقبولا من اكثرية اللاعبين على الساحة الداخلية والتي ادت الى ترشيح جهاد ازعور داعيا الرئيس ماكرون الى تامين غطاء دولي واقليمي لمرشح توافقي لا يستفز اي طرف ولا يشكل تحديا لاي طرف. وقدم وصفاته للخروج من الازمة السياسية التي يعاني منها لبنان واعادة الثقة الداخلية والخارجية وتنظيم المؤسسات الدستورية وحماية حياد لبنان.
وبحسب معلومات "نداء الوطن" من باريس، فقد حدث تحوّل في الموقف الفرنسي من الاستحقاق الرئاسي، ما يعني أن المبادرة الفرنسية التي انطلقت في الأشهر الماضية، والتي كانت متبنّية لموقف فريق الممانعة المتحالف مع إيران لانتخاب مرشّحه سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، بدأت من لقاء ماكرون ـ الراعي، تسلك منحى منفتحاً على الإجماع المسيحي الذي يُنحّي ترشيح فرنجية سابقاً. وكأن البطريرك «مَشَحَ» ترشيح فرنجية الذي لم يعد له أمل في الحياة.وتفيد معلومات العاصمة الفرنسية، بأن البطريرك الراعي خرج من اللقاء في الإليزيه "مرتاحاً لتفهّم الرئيس ماكرون للموقف المسيحي من الاستحقاق الرئاسي، انطلاقاً من لائحة سلّمها البطريرك للرئيس الفرنسي بأسماء المرشحين الذين يحظون بموافقة كل الأطياف المسيحية، وهي لائحة لا تضم اسم فرنجية". وفي لبنان، اعترفت مصادر "حزب الله" الإعلامية بأن رئيس "التيار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل الذي اجتمع بالبطريرك عشية لقاء الإليزيه، أودع الراعي اسم الوزير السابق جهاد أزعور كمرشح يحظى بموافقة الأطراف المسيحية كافة كي ينقله البطريرك إلى ماكرون، وهذا ما حصل أمس.
وكتبت " الاخبار" ان الراعي أبلغ رئيس حكومة الفاتيكان بيترو بارولين أن القوى المسيحية ترفض رفضاً قاطعاً أن تقوم أي جهة بفرض أي مرشح رئاسي عليها، وذلك قبلَ وصوله إلى باريس حيث التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه لمدة ساعة. وجدد الأخير كلاماً جاء خلال استقباله الراعي للتأكيد على أن «أعمال فرنسا في لبنان تهدف فقط إلى الحفاظ على وحدة البلاد وسلامتها، وحماية سكانها من خلال التخفيف من الآثار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الجمود السياسي والمؤسساتي الحالي، والحفاظ على نموذج التعايش القائم».

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: