عاد الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان خائباً من لبنان وسياسييه، وهو يعرف سلفاً انه لن يخرق جدار الازمة الرئاسية بأي بصيص أمل، لكنه حاول على الاقل امام مَن أرسله لهذه المعضلة الرئاسية، اي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، فلم يكن متفائلاً منذ لحظة دخوله مطار بيروت، مستعيداً المشهد الذي عاشه قبل 3 سنوات، حين تفقد العاصمة بعد انفجار الرابع من آب 2020، فغادر مندهشاً من خلافات السياسيين اللبنانيين، وسط كل ما يجري من ويلات ومصاعب وكوارث، لم يعرفها اي بلد مع سقوط اكثر من مئتي شهيد والاف الجرحى والمعوقين ودمار شبه كامل لعاصمة الشرق.
الى ذلك لم ينس الموفد الفرنسي بعد ما قاله للمسؤولين في لبنان من نواب ووزراء ورؤساء كتل، وما رافق ذلك من نصائح بالجملة للوعي والادراك بما يفعلونه بوطنهم، ثم اتى التوبيخ وتوابعه، من دون ان يرف جفن أحد، لذا بدت مهمته صعبة جداً، وهذا ما بشّرت به معظم وسائل الاعلام والصحف الفرنسية من ان مهمة لودريان تقارب المستحيل، وهذا يعني انه في مأزق لان وساطاته الشاقة لن تصل الى اي مكان، لذا إكتفى بالاستماع الى الاراء وكتابة تقارير تنقل ما جرى، فكان يخرج في اغلب الاوقات صامتاً، من دون ان يدلي بأي تصريح، ولم يقدّم طرحاً على عكس ما قيل قبل ايام من زيارته، وإكتفى بجوجلة المواقف، من دون ان يرى اي تقارب بل المزيد من الانقسامات والنكايات.
وفي السياق نقلت مصادر سياسية إطلعت على محادثاته، بأنّ مبادرة باريس بدعم ترشيح رئيس تيار "المردة " سليمان فرنجية، لم تعد موجودة في المخيلة الفرنسية، خصوصاً بعدما إجتمع مع القيادات المسيحية الرافضة لوصوله الى بعبدا، فإكتفى بالدعوة الى ضرورة الحوار بين الاضداد للتوافق على إسم الرئيس.
وثمة مراقبون سياسيون يشيرون، الى انّ عودته في تموز المقبل ستحمل جديداً، بعد لقاءات سيجريها مع مسؤولين غربيين، قد تفتح باب الاستحقاق نحو تسوية، توصل رئيساً توافقياً يتأرجح إسمه مع إسم شخصية اخرى.
وهذا يعني انّ العمل سيتجه نحو خيار ثالث لا غنى عنه، وإلا سيبقى الوضع على ما هو عليه، وسوف يطول أمد الفراغ الرئاسي سنوات، وعندها على لبنان السلام، بالتزامن مع توالي الازمات يومياً، والتي ستقضي على البلد نهائياً في حال لم يتفق المتخاصمون.
