هل إستجاب الله لجعجع وأعان ماكرون؟!

WhatsApp-Image-2023-07-19-at-3.29.17-PM

أحياناً كثيرة يغلب الحس الانساني والغضب البشري، على الحسابات الباردة والمصالح الخاصة، أمام هول لحظات تاريخية كفاجعة “زلزال نيترات الامونيوم”، الذي عصف ببيروت في ذاك الرابع من آب. هذا كان حال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي هرول في 6/8/2020 الى لبنان، مسكوناً بغضب إنساني “مقدس” أمام فظاعة المشهد، وبالنوستالجيا الفرنسية والحنين تجاه بلاد الارز. فكان أول رئيس دولة يصل الى لبنان ،متضامناً بالقول والفعل أي بالموقف والمساعدات.

من قصر بعبدا، وبعد لقاء جمعه برؤساء الجمهورية ميشال عون، ومجلس النواب نبيه بري، ومجلس الوزراء حسان دياب، أكد ماكرون أن “المطلوب تنفيذ إصلاحات أساسية وشفافة لإنقاذ لبنان، وإلا سيستمرّ بالغرق”.
من شارع الجميزة، وخلال نقاشه مع الناس المفجوعين الغاضبين، شدّد على أنه “لا بدّ من تغيير النظام ووقف الانقسام ومحاربة الفساد”.
من قصر الصنوبر، وفي مؤتمره الصحافي الختامي، دعا الى “ضرورة إجراء تحقيق دولي مفتوح وشفاف، للحيلولة دون إخفاء الأمور أولاً ولمنع التشكيك”. كما حضّ القادة اللبنانيين إلى إحداث تغييرات عميقة في أدائهم، وإعادة بناء نظام سياسي جديد لإخراج البلاد من مأزقها السياسي والاقتصادي، من غير أن يستبعد فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون الإصلاحات.

وخلال لقاءاته يومها في قصر الصنوبر مع القادة السياسيين، سمع من رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع كلاماً واضحاً حول تداعيات التدخل الإيراني ،ومشكلة السلاح وفرضه للأمر الواقع، مشدداً على ضرورة إجراء تحقيق دولي حول ما حصل.

ثم خلال زيارة ماكرون التالية، التي أفضت الى إعلان خارطة طريق فرنسية مضبوطة، بمهل زمنية عرفت بـ”مبادرة قصر الصنوبر” في 1/9/2020، قطع الطريق على مقاربات جعجع ورئيس حزب “الكتائب” سامي الجميل وعلى السؤال: “أي إصلاحات قابلة للتنفيذ بوجود قوة مسلحة غير الجيش اللبناني في البلاد؟”، قائلاً: “لا تقحموني في مواضيعكم الخلافية”.

فشدّد ماكرون على أن “الأولوية الآن ليست للبحث في السلاح ولا في الانتخابات (المبكرة) ولا في فكرة تغيير النظام. نحن لدينا رأينا من موضوع سلاح حزب الله. لكن الأولوية الآن هي للإصلاحات، التي يمكن تنفيذها ضمن المهلة التي لا تحتمل الخوض في هذه الأمور. أريد أن أقوم بما هو مفيد، ولا تقحموني في أمور أخرى، وإلا فإنكم تكونون كمن يأخذ بلاده الى الخراب”. وسأل: “لماذا تصرّون على الانتخابات المبكرة؟ كم عدد المقاعد الذي سيتغيّر؟ وهل أنا من انتخب حزب الله؟”.

بعدها، قالها جعجع بالفم الملآن لصحيفة “النهار” في 15/12/2020 رداً على ما عما يترقبه من زيارة ماكرون الثالثة للبنان، فأجاب: “الله يعين الرئيس ماكرون ولكن يجب ان يأتي الى لبنان من اجل الشعب اللبناني. لكن رهانه على السلطة الحالية، لن يوصل الى أي مكان، لانه لا يمكن لهذه السلطة ان تقوم بالإصلاح، او تغير الوضع الحالي الذي هي مسؤولة عنه”.


إستفاق ماكرون على “بلف” بعض الساسة المشاركين في لقاء “قصر الصنوبر” له، وتنصّلهم من إلتزامهم بخارطة الطريق التي وضعت. فأعلن في مقابلة مع “العربية” في 29/1/2021 “النظام اللبناني في مأزق بسبب الحلف الشيطاني بين الفساد والترهيب”.


رغم هذه التجربة المريرة، عاد ماكرون وغرق في “المستنقع” اللبناني، عبر سيره بمرشح “الثنائي” سليمان فرنجية، متناسياً ما دعا اليه من ضرورة السير بالاصلاحات ومحاربة الفساد، والتحقيقات في إنفجار المرفأ، حيث من بين المطلوبين فيها ،احد أذرع فرنجية الرئيسية الوزير السابق يوسف فنيانوس. تناسى “الحلف الشيطاني” بحثاً عن أحلاف وتلزيمات وصفقات من لبنان الى طهران.

اليوم، وبعد الفشل الكبير، الذي أصاب دبلوماسية ماكرون بالترويج لمعادلة سليمان فرنيجة لرئاسة الجمهورية، مقابل السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة، حيث نجحت المعارضة بالتقاطع مع “التيار الوطني الحر” على جهاد أزعور، وإجبار الرئيس نبيه بري على عقد جلسة إنتخابية، نال فيها فرنجية 51 صوتاً، مقابل 59 صوتاً لأزعور، وبعد الفشل الفرنسي في إقناع الافرقاء بـ”طاولة حوار”، يسعى “الثنائي” لها لكسب الوقت، ها هو ماكرون يفقد أي غطاء أوروبي وعربي ودولي لمغامراته.


فقرار البرلمان الاوروبي 12/7/2023 من جهة، وبيان الاجتماع الخماسي لدعم لبنان في 17/7/2023 من جهة أخرى، يعيدان ماكرون الى “بيت الطاعة” السيادي- الاصلاحي، الذي حدّده المجتمع الدولي لإنقاذ لبنان. فهل يستفيد منهما كمخرج لائق له من المستنقع اللبناني، فيكون الله إستجاب لجعجع وأعان ماكرون؟!

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: