لا يمرّ يوم من دون أن تُبثَ معلومات جديدة حول حشود عسكرية وميليشياوية شمال سوريا. حشودٌ لا يعرف أحد الغرض الحقيقي منها، هل هي لمواجهة عسكرية كبيرة مقبلة أم لتسوية سياسية مرتقَبة؟
في شمال سوريا، يقوم الجميع تقريباً بحشد قواته العسكرية بانتظار المنازلة الجديدة، ولا يقتصر الحشد على طرف دون آخر، إنما هو متبادل. فمن ناحية، تتحرك القوات الأميركية وتلك التابعة للقوى الكردية المتحالفة معها، فيما يقابلها حشد للميليشيات التابعة لإيران والنظام السوري وحزب الله من جهة أخرى.
هذه الحشود يضعها بعض المراقبين في مجال تعزيز المواجهة الآتية شمال سوريا، فيما يضعها آخرون في إطار فرض إيقاعٍ عسكري يُترجم على طاولة المفاوضات، تماماً كما حصل الشهر الماضي قبل “لقاء آستانة”، عندما حشدَ جيش النظام السوري فرقه المقاتلة قرب إدلب، ففرضَ إيقاعه على المفاوضات مع تركيا.
إضافة إلى ذلك، لا تغفل عيون أي طرف عن التحرّشات الجوية المتزايدة من قبل الطيران الروسي مع تلك الأميركية، وكذلك الحشد النووي الأميركي (غواصة نووية والعديد من القطع البحرية وحاملة طائرات) نحو مياه الخليج العربي. تأتي هذه التحرّكات بالتوازي مع أنباءٍ عن توقف المحادثات بين إيران والولايات المتحدة لأسباب عديدة.
على أي حال، سيكون الانتظار سيد الموقف، في الوقت الذي تهدف فيه روسيا إلى إدخال الولايات المتحدة الأميركية بنوع من “حرب استنزاف” مع القوى الإيرانية، بينما لا يبدو أن الإيرانيين بعيدون جداً عن هذا الأمر، وربما يريدون إعادة “التجربة العراقية” واستنزاف واشنطن في سوريا كذلك.
في المقابل، تبدو الولايات المتحدة الأميركية كثيرة الحذر في الرمال السورية، وهي قامت بإعادة ما انقطع مع إسرائيل بعد غيمة الصيف التي مرّت بينهما، وذلك خوفاً ربما من غيمة سوداء مقبلة إلى المنطقة.
أما الجانب التركي، فيبدو الأكثر اطمئناناً لكل ما يجري في سوريا، وينتظر التطورات كالعادة على ضفة النهر لرؤية مرور جثث أعدائه. وخصوصاً الأكراد منهم