يعاني أطفال لبنان في الفترة الحالية من تهديدات كبيرة من جراء المصائب والمآسي والجرائم الكثيرة التي نسمعها يوماً بعد يوم، ففي بلد بات القانون فيه حبراً على ورق، وتطبيقه بات معجزة أو عجيبة العجائب على الرغم من كل ما نشهده من ارتكابات تستحقّ المحاسبة بأقسى العقوبات، لم نعد نخاف فقط على أولادنا اليوم بل المخيف والمقلق أكثر هو المستقبل الذي سيعيش فيه أولادنا مع شباب عاشوا طفولتهم وهم يشهدون على جرائم وارتكابات خطيرة تحصل بحق مجتمعهم!
رئيسة جمعية “نضال لأجل الإنسان” ريما صليبا في حديث لموقع LebTalks، انتقدت هذا الواقع معتبرةً أن “كل المشكلات التي مررنا بها في الفترة السابقة، بدءاً من جائحة كورونا، مروراً بالأزمة الإقتصادية المعيشية، وصولاً إلى تفاقم ظاهرة الهروب نحو المخدّرات من قبل عدد من الشباب، ما يجعل المجتمع غير آمنٍ، خصوصاً على الأطفال الذين يمثّلون الحلقة الأضعف”.
المسؤول الأول هو الأهل
وتضيف صليبا: “من المؤسف ما وصل إليه لبنان من تدنٍّ وتراجع في مستواه الحقوقي، علماً أن لبنان من بين الدول الموقعين على الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الطفل، وعلى الرغم من ذلك فإن انعدام الأمان للطفل في لبنان وحالتي الخوف والتهديد الدائمتين اللتين يعيش فيها يزيد من عدم القدرة على تأمين احتياجات الطفل، فالأمان اليوم هو الأهم في حياة الأطفال، ومن دونه لن تكفي أساسيات العيش لجعله يعيش طفولته كما يجب”. كما تشير صليبا إلى أن “المسؤولية كبيرة والدور الأهم يقعان على عاتق الأهل الذين بات عدد كبير منهم عديم المسؤولية تجاه أطفاله، لذا بدأنا نرى أطفالاً مرميين في أكياس نفايات، وحالات كثيرة من الاغتصاب والتحرّش والتعنيف وغيرها من الجرائم التي تحصل بحق الأطفال الذين يجب أن يعيشوا في جوٍ آمنٍ ومحميين أولاً من قِبَل أهلهم، فالوضع الهش الذي نعيشه اليوم يفتح المجال على الكثير من الإنتهاكات بحق الأطفال والمجتمع ككل”.
ولفتت صليبا النظر الى وجود عدد كبير من الجمعيات والمؤسسات المهتمة بهذا الملف والتي بإمكانها أن تكون الملجأ في حال وجود أي مشكلة أو عدم إمكانية للأهل تربية أطفالهم، وبإمكانها أن تساعدهم على تحمّل هذه المسؤولية، ومن بينها وزارة الشؤون الاجتماعية و المجلس الأعلى للطفولة اللذين من واجبهما ودورهما أن يعملا على وضع سياسات حماية الأطفال وبرامج لتوعية الأهل على تحمّل هذه المسؤولية، إضافة إلى البرنامج الذي تعمل عليه جمعية “نضال لأجل الإنسان” وهو إطلاق خطة طوارئ لتأمين الحماية للأطفال “وهذا البرنامج سيكون بالتعاون مع البلديات وجمعيات عديدة تهتم بهذا الموضوع”.
ما المطلوب من الدولة؟
تعتبر صليبا في هذا السياق أن ما يجب أن تفعله الدولة بالدرجة الأولى هو تطبيق القانون، ” عندما يُتّخَذ إجراء واحد بحق أي معتدٍ، حينها سيحسب أي شخص ألف حساب ويعدّ للمئة قبل الإقدام على فعل أي جرم، وما ينقصنا اليوم في لبنان هو اتخاذ القرار بحماية هؤلاء الأطفال، ومحاسبة المجرمين وهذا ما يفتح الباب أمام التحوّل الذي نشهده اليوم والذي لم يحصل في تاريخ لبنان حتّى في فترة الحروب، لم نكن نشهد على مثل هذه المشاهد، وللأسف التحوّل الديموغرافي الذي يشهده البلد هو أحد أهم الأسباب لكل هذه المشاهد الشنيعة التي نراها خصوصاً حالات رمي الأطفال والتخلّص منهم في الشوارع”.
وتختم صليبا قائلة “إذا لم تتخذ الدولة الإجراءات الرادعة أولاً تجاه الأهل المستهترين وتجاه أي مجرم يعتدي على الأطفال بأي شكل من أشكال الاعتداء، فما سنراه في المستقبل سيكون أفظع وأبشع”.