أحداث عين الحلوة : إبحثوا عن طهران وأجندتها

WhatsApp-Image-2023-08-02-at-8.00.23-AM-1

مع تكرار مطالبتنا الملحّة و تأييدنا الكامل لبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل التراب الوطني ومنه المخيمات وبالأخص مخيم عين الحلوة، ومع مطالبتنا بتنفيذ الاتفاق الأمني الذي كان قد أُبرم لضبط أمن المخيمات مع الدولة اللبنانية، والذي خالفته قوى الممانعة وحزب الله في طليعتها، ما دخلت إيران ملفاً الا وعاثت فيه فساداً وإفساداً، وما حرّكت عملاءها في الداخلَين الفلسطيني واللبناني الا وانتشر الدم والقتل والاقتتال.
أصابع إيران واضحة في قتل خمسة من قادة حركة فتح في مخيم عين الحلوة على يد عصابات تابعة لإيران تُسمّى جند الشام أو ما يسمّونهم بسرايا المقاومة.
هذه العصابات اغتالت العميد الفلسطيني أبو أشرف العرموشي ومعه أربعة من مسؤولي فتح في المخيم.
المعتدى عليها هي حركة فتح وليس فريقاً آخر، والمؤسف أن الإعلام المدعوم من قوى الممانعة، وعلى رأسه حزب الله، يُمعن في تشويه وتحريف حتى الحقائق الفلسطينية والواقع الفلسطيني بعدما شوّه وحرّف وزيّف الواقع اللبناني والحقائق اللبنانية.
العرموشي ورفاقه هم الذين كانوا يقودون الحملة العسكرية لتنظيف المخيمات من أنصار الله الذين قادهم جمال سليمان في مخيمي عين الحلوة والمية ومية، تلك الحملة العسكرية التي نُفذت رغم رفض حزب الله لها، فاستطاعت بالتالي التخلّص من القتلة والمجرمين من الحركة الإسلامية المتطرّفة وأُخرجت من المخيم، فيما احتضنها حزب والله وبعض الأطراف اللبنانية.
حزب الله اذاً يتحمّل المسؤولية السياسية الكبرى عما آلت اليه أوضاع مخيم عين الحلوة الذي أغرقه بالمخدرات والكبتاغون، كما أغرق المخيمات بالقتلة والمجرمين بفضله وفضل سياساته المنحازة للتطرّف الإسلامي وحركاته داخل المخيمات.
أبو أشرف العرموشي الذي اغتيل كان قد سلّم أحد القتلة من التنظيم الإسلامي المتطرّف الى الدولة اللبنانية عندما عاجلوه بالقتل بكمين مُحكم ومحترف، وهم مدربون على يد إيران وحزب الله، والفيديوهات واضحة في كيفية تنفيذ الجريمة.
ما يحصل في مخيم عين الحلوة جزء لا يتجزأ من مخطط إيراني محبوك ضد الشعب الفلسطيني، سواء في الداخل الفلسطيني أو في مخيمات لبنان، فكما حصل الانقلاب في غزة منذ سنوات فتحوّلت الى بؤرة داعمة وتابعة لإيران، هكذا يُراد عبر ما يحصل في مخيم عين الحلوة تنفيذ انقلاب يحوّل المخيم كما المخيمات الأخرى الى بؤرٍ تابعة وموالية لإيران، وهذا ما يفسّر سكوت قيادة حزب الله حيال أحداث المخيم وعدم تدخله الفاعل لوقف القتال وعدم الضغط على الإسلاميين لوقف النار.
هم يريدون تصفية حركة فتح بإرثها الكامل في ضمير الفلسطينيين في لبنان لإحلال حركة حماس المتحالفة مع حزب الله والخط الإيراني مكانها.
اللعبة اذاً واضحة وضوحاً شديداً، والمشهد الجيو سياسي بين فلسطين وجنوب لبنان مشهد واحد منذ سنوات، وارتدادات الأجندة الإيرانية في غزة والداخل الفلسطيني تجد صداها في داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان.
منذ أن احتل الإيراني بواسطة جمال سنيمان مخيم المية ومية المشرف على مخيم عين الحلوة حيث عاثوا فيه فساداً وقتلاً وإجراماً، حينها استطاعت فتح إخراجهم من المخيم قبل عامين.
حاولوا في مخيم عين الحلوة الانتقام لخروجهم من المية ومية مع قضية ما عُرف "بالعرقوب"، ذاك المجرم الملاحَق من القضاء اللبناني والذي كان سبباً لحرب داخل المخيم ، وكان قبله بلال بدر أيضاُ مسبّباً لانفجار.
مخطط إيران وحزب الله لطالما كان في تقوية هكذا عناصر وإدخالهم المخيمات لتقوية نفوذ إيران وحزبه داخل تلك المخيمات.
مسؤول المخابرات الفلسطينية ماجد فرج في زيارته الأخيرة للبنان ولقاءاته مع مسوؤلين سياسيين وعسكريين لبنانيين قالها بالحرف الواحد بأنه لا يريد سلاحاً في المخيمات، داعياً الدولة اللبنانية لسحب السلاح من المخيمات الفلسطينية، مع الإبقاء على الشرطة العسكرية فقط داخل المخيمات لحل مشاكل الناس اليومية وفضّ النزاعات وتسليم المطلوبين،
لكن للأسف الدولة اللبنانية الواقعة تحت الاحتلال الإيراني عبر سيطرة حزب الله رفضت هذا الطرح متهمة أياه بأنه طرح إسرائيلي صهيوني وأن ماجد فرج عميل موساد.
من هنا ما حصل ويحصل في مخيم عين الحلوة له أبعاده الإقليمية وبصماته الإيرانية الواضحة، فإيران وحزب الله يريدان الإبقاء على سلاح المخيمات وعلى فتائل الفتن داخلها كي يسهل تدمير المخيمات من الداخل وتصفية الحسابات الإقليمية مع حركة فتح وسواها، وإيصال الرسائل الفلسطينية والإقليمية كلما دعت الحاجة وضرورات الأجندة الإيرانية في المنطقة، انطلاقاً من السعي الإيراني منذ سنوات لامتلاك كامل الورقة الفلسطينية.
لا أحد يحمي إسرائيل أكثر من إيران … لا أحد يخدم مصالح إسرائيل في إضعاف الفلسطينيين داخلياً أكثر من إيران، لا أحد يخدم الرؤية الإسرائيلية بتعزيز الانقسامات الفلسطينية أكثر من طهران، ولو كانت تريد فعلاً مصلحة الفلسطينيين لكان عليها أن تكون عامل جمع وتجميع وتوحيد بين الفلسطينيين لا عامل قسمة وفتنة وانقسامات بينهم، فكلما زاد الانقسام الفلسطيني ضراوة كلما تمكنت إسرائيل من الاستفراد بالشعب الفلسطيني والمستضعف وتحقيق أهدافها خصوصاً في ظل قيادة فلسطينية عاجزة في الضفة ووهن وفساد يصيبان أجهزة ومؤسسات الدولة الفلسطينية.
أول مَن دمّر القضية الفلسطينية إيران في العامين ٢٠٠٦ و٢٠٠٧ عندما انقلبت حركة حماس بدعم إيراني على السلطة في غزة فانتهى المشروع الفلسطيني من يومها، بحيث أن ما عجزت عنه إسرائيل نفذته طهران لصالح إسرائيل.
طهران هي التي قضت على مشروع الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس واليوم أصبحت القدس أكبر مادة متاجرة وكذب ودجل وتضليل وخداع فهل هناك بعد أي إمكانية تحرير لفلسطين؟
طهران وحزب الله يعلمان أن لا مجال لتحرير فلسطين، ومع ذلك يستمرون في المتاجرة بقضية القدس والشعب الفلسطيني لصالح إسرائيل.
حركة فتح هي الممثلة الشرعية الوحيدة في الميثاق الوطني الفلسطيني استراتيجياً رغم إصابتها بالوهن بفعل قيادة ضعيفة، إنما تبقى فتح حركة وطنية خلافاً لحركة حماس التي هي حركة إسلاموية تابعة لتنظيم الأخوان المسلمين الدولي المتحالف مع إيران.
هذا الثلاثي إيران - الأخوان - إسرائيل يعمل وفقاً لمصالح إقليمية ودولية وليس لمصلحة الشعب الفلسطيني.
اذاً اللعبة الجيو سياسية مكشوفة من طهران الى عين الحلوة مروراً بغزة : قرار إيراني بالسيطرة على المخيمات الفلسطينية الأساسية في لبنان إحكاماً للقبضة " الغزاوية " على تلك المخيمات ليكون لطهران الكلمة الفصل عند الشعب الفلسطيني في لبنان، وتكون الورقة الفلسطينية إقليمياً في يد الإيرانيين.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: