ليس التقارب المستجد بين جبران باسيل وحزب الله موجهاً ضد ترشيح سليمان فرنجية. فورقة هذا الأخير شارفت على الاحتراق، مع تراجع زخم المبادرة الفرنسية ووقوعها في "الوحل" اللبناني وتفاصيله المعقدة. إنما يأتي التقارب "الباسيلي" مع الحزب موجهاً ضد قائد الجيش جوزاف عون، وذلك مع بروز كوة في جدار الفراغ الرئاسي وعدم ممانعة معظم أعضاء "اللجنة الخماسية" التي تتعاطى في الشأن اللبناني من وصول عون إلى رئاسة الجمهورية.
وحدها فرنسا "تمانع" وتتماهى مع الممانعة في رفض قائد الجيش رئيساً جديداً للجمهورية، فيما يُظهر أعضاء اللجنة الآخرون، أي الولايات المتحدة الأميركية، السعودية، قطر ومصر، اقتناعاً متزايداً بأن الانتهاء من الفراغ الطويل والثقيل لن يكون إلا بتسليم عون السدّة الرئاسية.
تحسّس باسيل هذا التغيير في التعاطي الدولي والإقليمي مع الملف الرئاسي، فعاد "صاغراً" إلى فتح قنوات التواصل مع حزب الله، فاتفقا حسب معلومات خاصة لموقع LebTalks على مواجهة جوزاف عون بثلاثة أساليب في الوقت عينه.
الأسلوب الأول هو سياسي، ويتمثل بتشدّد حزب الله في تمسّكه بفرنجية، والتلطي وراء هذا الترشيح حتى إحراق عون، كما وقوف باسيل وراء موقف الحزب عند إبلاغ الوسطاء الإقليميين بأن "طرح اسم عون لن يحلحل تعنت حزب الله على اسم فرنجية، وبالتالي لن يؤدي إلى الانتهاء من الفراغ الرئاسي".
أما الأسلوب الثاني فهو إعلامي، ويقوم على شن حملات ممنهجة على قائد الجيش "بغية إحراقه". هذا ما فعله جبران باسيل خلال اللقاء الذي نظمه التيار الوطني الحر مع مناصريه في الإنتشار عندما ميّز بين الجيش وقائده، موجّهاً تحياته إلى الجيش ومستثنياً عون. في التوازي، راح حسن نصرالله بعيداً في القول أن "من يحمي لبنان هي مقاومته حصراً" مستثنياً الجيش من أي دور، وذلك في خطابه العاشورائي المتزامن مع عيد الجيش في الأول من آب. كذلك الأمر، يبث الإعلام المرئي والمكتوب الموالي للممانعة مقالاته وأخباره الرافضة لعون وتوليه رئاسة الجمهورية، كما يصوّب على علاقاته "الاستثنائية والمريبة" مع الولايات المتحدة الأميركية.
في التوازي، يقوم الأسلوب الثالث، وهو إداري، على تشدد جبران باسيل في الاتكال على وزير الدفاع اللبناني في تعيين خلف لقائد الجيش التي تنتهي ولايته في العاشر من كانون الأول القادم، والترويج لإسم اللواء الركن بيار صعب لقيادة الجيش، وهو الأمر الذي لا يستسيغه جوزاف عون كثيراً ويعتبره مخالفاً للأصول.
مناورة جبران باسيل الأخيرة ليست للتفاوض مع حزب الله حول اسم فرنجية بقدر ما هي تلاقي مصلحي ضد جوزاف عون، وتشكيلهما سداً منيعاً أمام وصوله إلى بعبدا عند قدوم الوسيط الفرنسي جان-إيف لودريان مجدداً إلى بيروت في أيلول القادم. مناورة لا تقوم على تأييد فرنجية بل على إحراق اسم عون، وعلى تطبيق حرفي للمثل الشعبي القائل: "لا حباً بعلي بل كرهاً بعمر". مناورة سرعان ما ستؤدي إلى إطالة أمد الفراغ الرئاسي دون القدرة على إيصال أحدهم إلى بعبدا، أقله في المدى المنظور.