الحوثيون والسلام المستحيل

152220

منذ توقيع المملكة العربية السعودية اتفاقها مع الجمهورية الإسلامية في إيران برعاية وضمانة صينية، والرياض تنتظر من طهران أفعالاً عملية في اليمن خصوصاً لجهة لجم الحوثيين وإلزامهم بالسلام مع الحكومة الشرعية ووقف حملاتها العدائية باتجاه المملكة ودول الخليج، إلا أن هذا الهدف حتى الساعة لم يتحقق منه شيء : فلا إيران ضغطت على الحوثيين لوقف أعمالهم ومواقفهم العدائية، ولا الحوثيين قاموا بأي مبادرة إيجابية باتجاه الحكومة الشرعية والمملكة العربية السعودية.
هذا الجمود على خط اليمن والحوثيين من الأسباب التي أدّت ولا تزال تؤدي الى عدم تقدّم اتفاق بكين لا بل الى تراجعه وسقوطه ربما، فمنذ هذا الاتفاق والحوثيون يستمرون في تسلّم أسلحة وذخائر من إيران بشتى الوسائل،
ومنذ هذا الاتفاق، والحوثيون يرسلون السلاح والكابتاغون الى القرن الأفريقي ولاسيما الى السودان والدول المجاورة،
ومنذ هذا الاتفاق والحوثيون لا يتوقّفون عن شنّ الحملات الإعلامية وإطلاق المواقف النارية بحق الحكومة الشرعية في عدن والمملكة العربية السعودية وآل سعود.
إيران وسط كل هذا غائبة عن المشهد وعن التدخّل،
واذا كانت الرياض قد سعت الى اتفاق مع طهران، فكان من بين أولويات هذا السعي الملف اليمني، الى جانب أمن واستقرار دول المنطقة ووقف تدخّل إيران في شؤونها وزعزعة أمنها واستقرارها من خلال عملائها الميليشياويين من العراق الى لبنان، إلا أنه على ما يبدو لم تلتزم طهران الى الآن بما وقعت عليه في اليمن كما في أي بند آخر.
وبالأمس برز تطور خطير في اليمن عُرفَ بمسألة ناقلة النفط المتهالكة "صافر" قبالة الساحل اليمني، حيث أعلنت الأمم المتحدة نقل حمولتها الى سفينة أخرى متهالكة بدورها وليست جديدة، وقد تم نقل الآف الأطنان من صافر الى السفينة الثانية التي، وهنا الطامة الكبرى، سُلّمت الى الحوثيين.
لطالما تغنّى الحوثيون بأن لديهم قنبلة موقوتة ما يمكّنهم من إشعال الحرب وقهر أعدائهم.
الفضيحة لها شق آخر : فالأمم المتحدة سلّمت السفينة الثانية للحوثيين لا للحكومة اليمنية الشرعية، ما يعني اعترافاً أممياً ليس بمستغربٍ من الحوثيين.
خطورة الموضوع أنه، وفي أي وقت تأمرهم به إيران، يستطيع الحوثي استخدام هذه السفينة لضرب وإيذاء الأعداء، سواء في الداخل اليمني أو في الخارج المحيط بدءاً من المملكة العربية السعودية، من خلال تهديد كافة الموانىء الموجودة على البحر الاحمر من السعودية الى السودان ودجيبوتي ومصر وسواها من دول.
واضح من هذا الحدث الكارثي وجود نية أممية بالاعتراف بالحوثي لأنه، لولا هذه النيّة لسلّمت الحمولة والسفينة الثانية الى الحكومة اليمنية الشرعية أو في أحسن الأحوال الى الطرفين معاً.
الأمم المتحدة بتصرفها هذا لصالح الحوثيين تهدّد أمن وسلامة الملاحة الدولية والتجارة العالمية التي تعبر باب المندب الى البحر الأحمر وبالعكس، لأنه بات أداء الحوثيين قنبلة موقوتة يمكنها قلب الموازين في اليمن والمحيط.
تلك السفينة يمكنها إلحاق الأذى الكبير اذا استُعملت كسلاح فتاك ضد المملكة العربية السعودية، مثل لو عاد التوتر السعودي- الإيراني من خلال ضرب الموانىء السعودية.
مشكلة سفينة "صافر" لم تنتهِ خلافاً لادعاءات الأمم المتحدة بل قد تكون آثارها الخطيرة والكارثية في بداياتها وقد رُحّلت الكارثة ولم تُحلّ.
مستشار رئيس الوزراء اليمني قالها بالأمس ل"الشرق": التهديدات الحوثية في ما يتعلق بإشعال حرب طويلة يشير إلى أنهم يخططون لتحويل الناقلة إلى قنبلة موقوتة".

إيران وعدت بإجبار الحوثي على السلام والاستقرار في اليمن لكنها لم تفعل شيئاً في الواقع، بحيث
لم يتقدّم الحوثيون نحو السلام خطوة واحدة ولن يتقدّموا، ولا أمل يُرجى من سلام قريب في اليمن،
فمع الحوثيين ومن خلفهم إيران، السلام في اليمن كما في المنطقة مستحيل …
وبعد، هل يمكن لاتفاق بكين أن يستمر ؟؟

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: