ب الصباحية: المعارضة تعلن المواجهة السياسية.. ودعوة لدوريان على المحك

263123Image1-1180x677_d (2)

لم تحجب هموم الطاقة وازماتها تطورا سياسيا وديبلوماسيا بدأت تردداته بالتصاعد الثلثاء الماضي ويتوقع ان تبلغ ذروتها تباعا نظرا الى الطابع المثير للغرابة الذي اثارته "سابقة" توزيع رسالة الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص الى لبنان جان ايف لودريان على رؤساء الكتل النيابية والنواب تمهيدا للفصل المقبل من مهمته في بيروت في أيلول المقبل .

حملت هذه الرسالة – السابقة التي ابلغتها السفارة الفرنسية الى الأمانة العامة لمجلس النواب التي قامت بتوزيعها على رؤساء الكتل والنواب المستقلين جميعا، مفارقة بالغة الغرابة وبدت حمالة أوجه بما يفسر الارباك الواسع الذي استشعرت معه الجهات المتعاطفة أساسا مع المبادرة الفرنسية صعوبة اتخاذ أي موقف متحفظ منها ، فيما تميز موقف القوى المعارضة بتعبير هو الاوضح والأكثر حزما اطلاقا في رفض أي حوار من شأنه يعيد تجربة المجرب مع المحور "الممانع". ذلك ان لودريان، وان كان اطلق خطوته هذه بالطلب من النواب أجوبة مكتوبة خطية على سؤالين محوريين حول الاستحقاق الرئاسي من منطلق دعم المجموعة الخماسية لمهمته هذه المرة، بدا كأنه يغامر بقوة في التسبب لمهمته بتداعيات واعباء تثقل على مهمته نظرا الى الطعن بمشروعية توجيه رسالة كهذه من ممثل دولة اجنبية الى نواب وبرلمان دولة "ذي سيادة" ولو ان دور الوساطة الحميدة والمرحب به من مختلف اطراف هذه الدولة يعطي الوسيط "حق التوغل" الى خصوصيات الازمة. كما ان الكثيرين ذهبوا الى المقارنة بين "الوصاية السورية " والتصرف الفرنسي على رغم المغالاة التي تطبع هذه المقارنة، ولكن "الفحص" الذي طلبه لودريان من النواب أدى الى نشوء أجواء كهذه. وبدا مفاجئا للغاية ان الموفد الفرنسي وان أراد تعميق الاقتناع بجدية مهمته بالزام النواب الإجابة عن رسالته قبل نهاية آب ، اثار هو نفسه في المقابل لغطا واسعا حيال جدوى ما يهئ له في أيلول وما اذا كان ذلك لقاءات مع الكتل والنواب ام مؤتمرا حواريا ام مزيجا منهما. ولكن الوجه الإيجابي الذي برز في الرسالة تمثل في الإشارة الى "انتخابات مفتوحة " بعد "الاجتماع والمشاورات الثنائية" علما ان كل ذلك يرتبط بترقب ما ستفضي اليه الخطوات التي سيقوم بها لودريان ومواقف الافرقاء منها .
كيف قرأت أوساط بارزة في المعارضة هذا التطور في الموقف الفرنسي؟
أجابت هذه الأوساط "نداء الوطن" بالآتي: "قالت اللجنة الخماسية لأجل لبنان كلمتها في اجتماع الدوحة الأخير، ولا يمكن للجنة أن تعود الى الوراء، بل عليها ان تتقدم الى الأمام، وبمعزل عن الكلام الذي تردد أمس على عقوبات أو خلافه قد تلجأ اليها اللجنة، فلا مؤشرات حتى هذه اللحظة. فقد قالت اللجنة كلمتها لجهة مواصفات الرئيس ومهماته والثوابت التي يجب السير بها".
وأضافت الأوساط: "الاتفاق مع لودريان سابقاً، كان خلافاً للرسالة التي بعث بها. فهو خلال اجتماعاته الأخيرة مع المعارضة وسائر القوى السياسية، قال إنه سيعود الى لبنان في أيلول المقبل، لكنه لم يحدّد تاريخ عودته. وقال إنه سيدعو الى اجتماعات للكلام على المواصفات والمهمات" .
وتابعت الاوساط :" كانت هناك نقطتان خلافيتان مع لودريان:
الأولى- قال إنه سيدعو الى اجتماعات عمل موسعة، فقلنا له لن نشارك في هكذا اجتماعات.
الثانية- قال: سأعقد مؤتمراً صحافياً لاتكلم على النقاط المشتركة في المواصفات والمهمات، فأجبناه: لن نشارك في مؤتمر صحافي مع الآخرين، وإذا كان هناك مثل هذا المؤتمر فليكن لوحدك".
ولفتت الى أنه كان بإمكان لودريان، خلال اجتماعه بالمعارضة، وكذلك في الاجتماعات الثنائية "أن يسجل تصوره حول المهمات والمواصفات".
وخلصت الأوساط الى القول "إن الرسالة التي وجهها لودريان بالأمس كانت مستغربة، بل معيبة، وليست في مكانها، وليس هذا ما هو متفق عليه، وهي خارج النص".
وعلم أن قوى المعارضة كانت تعقد اجتماعاتها في صورة متتالية، وهي أعلنت أمس بياناً، وستصدر لاحقاً بياناً آخر، وقد حددت رؤيتها للمهمات والمواصفات انطلاقاً من بيان اللجنة الخماسية.
وخلال مشاورات الأمس، استقر الرأي على أن فرنسا "ترتكب أخطاء نتيجة اصرارها على مبادرتها السابقة". وبات واضحاً بحسب المشاورات أيضاً، أن الجانب الفرنسي وجد نفسه محاصراً بالمبادرة "الخماسية". ولكن في المقابل، ليس أمام باريس أي خيار خارج ما قررته اللجنة الخماسية في الدوحة، إذ هناك ميزان قوى داخلي يرفض أن يخضع للفريق الآخر، ولا يمكن تغييره إلا اذا كان البعض يراهن على شراء الوقت".
وأتى بيان المعارضة ليعكس التطور في المواجهة السياسية عندما يتحدث عن القرار 1559 وسائر القرارات الدولية ذات الصلة، كما يتحدث عن مقاطعة الجلسة التشريعية، ما يعني ان المعارضة تتجه نحو رفع منسوب مواجهتها السياسية، وبالتالي لا عودة الى الوراء على هذا المستوى.
وفي معلومات «اللواء» ايضاً، وصلت الرسالة الى رؤساء الكتل النيابية عبر الامانة العامة لمجلس النواب، وان اعضاء الكتل لم يطلعواعلى نصها الحرفي، واكتفى بعض رؤساء الكتل بعرض مضمونها على نوابهم، فيما نفى نواب آخرون ان يكونوا قد اطلعوا على النص الحرفي اوحتى على المضمون قبل تعميمه.
إلأ ان احد نواب كتلة «القوات» أبدى استغرابه من الاجراء الفرنسي ووصفه بأنه امر غير عادي وسابقة سياسية بأن توجه سفارة اجنبية رسائل الى النواب حول امر سيادي، ما قد يعتبره البعض امراً يمس بالسيادة. مشيراً الى ان بيان المعارضة المشترك الذي صدرامس، «يرد على كثيرمن التساؤلات التي طرحتها الرسالة، وهوكان بيانا واضحا وحازما تضمن موقف المعارضة من كل الامور المطروحة من سنوات، لكنه غير استفزازي لأي طرف لأنه لم يتضمن عبارات حادة تجاه اي طرف بذاته».
وحول كيفية الاجابة عن اسئلة لودريان قالت المصادر: سنرسل نص البيان الى السفارة الفرنسية، فهو يتضمن موقفنا ورؤيتنا.
وابدت مصادر مجلسية مسؤولة ل"الجمهورية" تفمهمّها للتحفظات النيابية التي صدرت في اعقاب الاعلان عن وصول الرسالة، حيث كان في إمكان الجانب الفرنسي اللجوء الى خطوة ثانية تحول دون بروز اي التباسات، كأن تتولّى السفارة الفرنسية توزيع هذه الرسالة على المعنيين بها بصورة مباشرة، الاّ انّ دوائر المجلس، وبناءً على توجيهات واضحة بتجاوز أي اعتبارات او التباسات او اي مؤثرات مهما كان حجمها او شكلها، على أولوية إجراء الحوار في ايلول وضرورته، تعاطت مع الطريقة التي تمّ فيها ارسال رسالة لودريان كخطأ غير مقصود، مفترضة انّها تندرج في سياق العجلة وعدم هدر الوقت.
الّا انّ مصادر سياسية مسؤولة، سجّلت على رسالة لودريان ملاحظتين وصفتهما بالجوهريتين:

  • الملاحظة الاولى، هي توسيع بيكار المدعوين الى الحوار، على نحو معاكس لما خلصت اليه المحادثات التي اجراها لودريان في زيارته الاخيرة، اي التوافق الاوّلي على تحديد عدد المشاركين في حوار أيلول بـ 15 طرفاً على الاكثر، يمثلون مختلف الكتل والتوجّهات النيابية. وعلى ما تقول المصادر المسؤولة في هذا السياق، انّ توسيع عدد المشاركين، اشبه بوضع الحوار المنتظر في ايلول على سكة الفشل المسبق، كون حواراً بهذا الشكل وبهذا العدد الفضفاض، يصبح أشبه ببازار مفتوح على مماحكات ومزايدات يغني فيه كل طرف موّاله، ما سيجعل حتماً، الوصول الى قواسم مشتركة امراً بالغ الصعوبة، حتى لا نقول مستحيلاً. ما يعني في خلاصة الامر انّ زيادة عدد المشاركين لا تخدم الحوار، حيث انّه كلما ضاقت مساحة المشاركين توسّعت إمكانية الانفراج، وكلما توسّعت مساحة المشاركين ضاقت امكانية الانفراج.
    الملاحظة الثانية، هي انّ السؤالين المطروحين في رسالة لودريان، سبق للموفد الرئاسي الفرنسي ان تلقّى الاجوبة عنهما من مختلف الاطراف التي التقاها في زيارتيه السابقتين، وأبرزت تلك الاجوبة تناقضات جوهرية بينها، حيث أنّ لكلّ طرف اولويّاته ومواصفاته لرئيس الجمهورية التي تتناقض جذرياً مع اولويات ومواصفات الطرف الآخر. وتبعاً لذلك، ثمة اطراف تصنّف نفسها سيادية وتغييرية، حسمت تمسّكها بأولوياتها ومواصفاتها، وكذلك حسمت موقفها سلفاً بعدم المشاركة في هذا الحوار على اعتبار انّه حوار لا يمكن الوصول فيه الى قواسم مشتركة مع «حزب الله»، وهو الأمر الذي من شأنه ان يعزز احتمالات التعطيل لمهمّة لودريان والحوار الذي يعدّ له في ايلول المقبل.
المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: