التطبيع السعودي - الإسرائيلي: بين الإلتزامات والمصالح المشتركة .. من الفائز؟

saudi

منذ أشهر عدة، تقود إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حراكاً سياسياً يهدف إلى التوصل لاتفاق سعودي - إسرائيلي لتطبيع العلاقات بينهما، لدرجة تعيين مبعوث خاص لهذه المهمة، وأعتبرت واشنطن هذه القضية بمثابة مهمة مركزية تسعى لتحقيقها قبل شهر آذار المقبل، أي عند بدء الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية، فما هي خلفيات طرح هذا الموضوع الآن، وهل باتت السعودية فعلاً مُستعدّة للتطبيع؟

الصحافي والكاتب السياسي جوني منيّر إعتبر في حديث لموقع LebTalks أن "التطبيع السعودي - الإسرائيلي يحتاج إلى وقت طويل، بالرغم من أن الأمر بات مطروحاً وأن الجانب الأميركي يضغط كثيراً باتجاه هذا الموضوع، ومن الواضح أن الجانب السعودي يطرح الكثير من الشروط والمتطلبات، من ضمنها الاعتراف بالدولة الفلسطينية وموضوع القدس وعدم بقائها تحت السلطة الإسرائيلية، إلا أن المسار طويل جداً ويحتاج للكثير من الوقت، ومن المبكر جداً الحديث عن إتمام للصفقة". وأشار منيّر إلى أن طرح هذا الموضوع اليوم "يأتي وسط إعادة رسم للخارطة السياسية في المنطقة خصوصاً في اليمن من خلال الحشود الأميركية التي وضعوها لحماية الممرات المائية بحيث اعتبروا أن إيران كانت تصادر سفن شحن للنفط بنسبة كبيرة، وبالتالي فإن التسوية في اليمن اليوم عالقة ولو أن الإشارات شكلياً تشير إلى مرونة ومحاولة حلحلة إلا أنه جدّياً لا مؤشرات للإسراع في الحل في اليمن، وإعادة رسم الخارطة السياسية تستوجب الضغط الأميركي بهذا الإتجاه، ولكنهم على دراية بأن لا نتيجة قريبة على مستوى التطبيع السعودي - الإسرائيلي إذ أنهم بحاجة إلى هذه المناورة، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، ولا يمكن أن ننسى أيضاً حسابات الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرّفاً، لذا فالاتفاق لن يكون بهذه السهولة خصوصاً مع وجود شروط واعتبارات سعودية كثيرة".
وتابع منيّر: "التطبيع السعودي - الإسرائيلي إذا حصل فهو سيكون بمثابة مكسب للحكومة الإسرائيلية الحالية، إلا أن العديد من الشروط التي قد تطرحها السعودية لا يمكن أن ترضى بها الحكومة الإسرائيلية والعكس صحيح، ولكن السعودي لن يذهب للتطبيع من دون حل للموضوع الفلسطيني حتى ولو كان هناك تقديمات أو تعاون أمني".

هل من تأثير على العلاقة السعودية - اللبنانية؟

منيّر أكد أن "الملف اللبناني مفصول تماماً عن هذا الموضوع، فالتعاطي السعودي مع الملف الرئاسي اللبناني واضح جداً، و موقف المستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء السعودي نزار بن سليمان العلولا في الاجتماع الخُماسي في الدوحة كان دقيقاً وواضحاً لجهة عدم بقاء السلطة اللبنانية خاضعة لحزب الله، فالسعودية ستتعاطى مع النتائج وهذا يعني أن ما تنتجه التسويات الداخلية إذا كانت غير ملائمة للسعودية فهي لن تساعد لبنان مالياً ولن يكون هناك يد عون إقتصادية، والعكس صحيح لجهة المساعدات السعودية في حال كانت النتائج مرضية فالمساعدات ستكون موجودة، وهذا الموقف لم يتغيّر واللقاء الخُماسي أثبت هذا الأمر بانتظار تسوية ما على المستوى الأميركي مع إيران وحزب الله، الأمر الذي لم يحصل بعد حتى الآن".

لهذا السبب يحصل التطبيع

ومن جهته، أشار الكاتب والمحلّل الجيو سياسي جورج أبو صعب لموقع LebTalks إلى أن "التطبيع الإسرائيلي - السعودي وُضِع على السكة العملية وقد بدأت المفاوضات بشكل جدّيّ، وهناك روزنامة وضعت من قبل البيت الأبيض تشير إلى أنه خلال هذا العام هناك أمل كبير لدى إدارة الرئيس بايدن أن يتم التطبيع"، مضيفاً أن شروط المملكة العربية السعودية ليست متحجّرة، وهي قابلة للنقاش والإتفاق لإيجاد قواسم وحلول مشتركة خصوصاً بالموضوع الفلسطيني، الذي لا يزال موضوعاً ذات طابع "أخذ وردّ" ومن الممكن الوصول فيه إلى حل ".
أما بالنسبة الى السعودية، فإن موضوع التطبيع يأتي في إطار تعامل الإدارة الأميركية مع سعودية معاملة تشبه معاملتها لليابان وكوريا الجنوبية، أي أن تتمتع المملكة ببرنامج عسكري دفاعي كبير ولا يُمنع عنها أي سلاح أو طيران، بالإضافة إلى إنشاء مفاعل نووي، وبالمبدأ فإن أميركا لم تعترض على هذه المطالب".

وعن العلاقة بين السعودية وإيران، قال أبو صعب إن "الوضع ليس على ما يُرام والاتفاق بات في حال تعثّر شديد خصوصاً وأن لا تنفيذ لأي التزام من قبل إيران حتّى الآن تحديداً في اليمن من قبل الحوثيين وتهديداتهم المتكررة، والتوتر الشديد في سوريا، بالتالي فإن الزيارات المتبادلة بين السعودية وإيران ليست سوى للنقاش والمفاوضات والبحث في كل هذه المشكلات، إضافة إلى "عتب سعودي" كبير على ما يجري من تصعيد وعدم التزام من قبل إيران".

وفي الختام، كشف أبو صعب ل LebTalks أن "بين المستشارين المحيطين بولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الديوان الملكي هناك تياران: التيار الأول يقول بأنهم لا يريدون إعطاء إدارة بايدن والديمقراطيين هدية من شأنها أن تؤثّر إيجاباً على حظوظه الرئاسية ويفضّلون أن يحصل هذا الأمر في عهد رئيس جمهوري، و تيار آخر يقول إنه طالما أن مصلحة المملكة قبل أي اعتبار فإذا كان من مصلحتها أن تلتقط هذه الفرصة التي يحتاج الديمقراطيون من خلالها إلى أي صفقة تؤدّي إلى تقدمهم في نتائج الإنتخابات، لذا يجب على المملكة أن تستفيد من هذه الحماسة الأميركية - الديمقراطية، وهذا النقاش يدور حالياً في المملكة وبين المملكة وأميركا وبينهما وإسرائيل".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: