بين توجيهات “الأصيل” وخضوع “الوكيل”… المقاربة “السّوريّة” لنصرالله حول النزوح

nasrallah

كتب أنطوان سلمون

يحق للقارىء والمشاهد، كما يحق للسامع أن يسأل ويتساءل:” هل تحدّثَ أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في 2 تشرين الأول الجاري عن هواجس اللبنانيين ونطلاقاً من مصالحهم، في مقاربته وتشخيصه لملف النزوح السوري؟ أم اعتمد لغةً أخرى؟ أو عبّر عن دولِ وشعوبٍ أخرى حتى لو تكلم بلسان عربي مبين ولهجة لبنانية محكية مفهومة؟

أجهدَ السيد حسن نصرالله نفسه بمحاولة تبرير وتبرئة النظام السوري ومن ورائه كل مَن دعمه ووالاه وحارب معه من “هروب” ونزوح مئات آلاف السوريين خوفاً من القمع والقتل والاعتقال، ليصبّ سهامه هذه المرة على الولايات المتحدة الأميركية، والتي كانت آخر المتورطين والمتدخّلين وبخجل في الحرب السورية…علماً أن سهام السيد غالباً ما كانت تستهدف المملكة العربية السعودية ودولاً أخرى عربية إقليمية وغربية، مُتهماً إياها بإشعال الحرب السورية، ومحمّلاً نتائجها من دمار وقتل ونزوح لها…وليتبّين أن المفاوضات السعودية-الإيرانية قد حتّمت وحكمت على “الوكيل” في لبنان الخضوع لتوجيهات وأوامر “الأصيل” في إيران بتغييب ذكر المملكة العربية السعودية عن إطلالات نصرالله الأربع الأخيرة…على غير عاداته السابقة.

نصرالله إعتبر أن قانون قيصر، والذي فرض عقوبات على النظام السوري سبباً وتبريراً للنزوح السوري الكثيف، داعياً اللبنانيين للمطالبة برفع العقوبات عن نظام الشقيق المصدَر والمُصَدِّر للنزوح،
علماً أن قانون قيصر يطال السلطات في سوريا التي تتحايل على القانون من خلال المعابر والأراضي “السائبة” في لبنان تماماُ كما تحايلت وتتحايل إيران على عقوبات مماثلة، ولحزب نصرالله الدور المساعد في الحالتين ذات الضرر بالمصالح اللبنانية اقتصادياً وسياسياً ودبلوماسياً.

شكّك حسن نصرالله بخطورة النزوح وعن كونه تهديداً وجودياً وأمنياً للبنان، غامزاً من قناة القوى المعارضة كما من قناة حليفه التيار الوطني الحر، والأهم من قناة قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون بقوله “البعض يرى فيه أنه تهديد وجودي وأمني للبنان”…

حسن نصرالله ميّز بين العامل والنازح السوري متجاهلاً عن عمد سقوط صفة النازح واللاجىء عن غالبية المتواجدين والمتنقّلين دوماً من والى سوريا، والانتخاب- المبايعة لبشار الأسد في 20 أيار 2021 عندما قام الآلاف من السوريين بالتصويت للأسد في مبنى السفارة السورية في الحازمية هو خير دليل على ذلك، وهذا ما أسقط ويسقط عنهم صفة النازح أو اللاجىء، إذ إن تعريف النازح واضح ومتعارف عليه دولياً وهو الشخص الذي ترك بلاده لقوة قاهرة وأخطار أمنية تحول دون بقائه فيها…ناهيك عن أن هؤلاء هم من المستفيدين الدائمين من “عطايا” الأمم والدول الأوروبية وبالعملة الصعبة، كما من مزاحمتهم غير الشرعية وغير المشروعة لليد العاملة اللبنانية، إضافةً الى تجاهل نصرالله، وعن عمدٍ، ما يرتكبه النازحون من جرائم سرقة واغتصاب وقتل وتعديات على الأملاك الخاصة والعامة باستقواء من قوى محلية شرعية وغير شرعية…

وفي إطار التعجيز و”تكبير الحجر” لعدم إيصال ملف ومشكلة النازحين الى خواتيم سعيدة وحلول ناجعة، قال نصرالله”يجب أن يتم إنشاء لجنة سياسية لها طابع شمولي لكل القوى لتعالج هذا الخطر “، وألا يتحوّل الجو القائم إلى جو عداء مع النازحين ويجب عدم تجاوز حدود القانون والأخلاق معهم”…

وفي دعوة غريبة من نفس غرابة ما طالب به أمين عام الحزب في 25 أيار 2013 بقوله:”أنتم تقاتلون في سوريا، ونحن نقاتل في سوريا، فلنتقاتل إذا هناك، فهل تريدون صراحة أكثر من هذا؟ لماذا علينا أن نتقاتل في لبنان؟… قال نصرالله في 2 تشرين الأول 2023 “هناك فكرة قابلة للنقاش أنه على الدولة اللبنانية أن تسمح لمَن يرغب من النازحين السوريين الاتجاه الى أوروبا، وهذا سيؤدي الى نتيجة حتمية بأن الدول الأوروبية ستأتي خاضعة الى بيروت لتقول ماذا تريدون لإيقاف هذه الهجرة للنازحين”…
وهنا يشجع نصرالله مرّة أخرى على خرق القوانين بتحفيزه السوريين على ركوب “زوارق الموت” للهجرة غير الشرعية المعاقَب عليها في قوانين الملاحة الدولية والمعاهدات الموقعَة ذات الصلة، وهنا سيُدخل نصرالله لبنان مرّة أخرى في فخ العقوبات الدولية وقفص العزلة الإقتصادية كرمى لعين نظام الأسد في سوريا… وفي هذا السياق يحتفظ الحزب والنظام السوري بملف النازحين كورقة تفاوض يبتزّان بها الأوروبيين مُهدّدَين متوّعدَين …

وأخيراً لا بد من التنويه والتشديد على أن النزوح السوري بدأ فعلياً مع تدخّل حزب الله في القصير والطفيل والقرى المحاذية للبنان، وساهم عسكر حزب الله في تهجير القسم الكبير منهم والذين تنطبق عليهم صفة النازح واللاجىء وعن حق…أما ما تلا ويتلو ذلك فهو استغلال كل من النظام والحزب لورقة النزوح للمساومة والاستثمار والإحتكار والمفاوضة والمقايضة على ما ذُكر في آخر إطلالة للسيد…

وبالاستنتاج، نختم مع الكتاب المقدس من إنجيل متى 16:7″مِن ثِمارِهم تَعرفونهم، هل يَجْتَنُونَ مِنَ الشَوْكِ عِنَباً، أو مِنَ الْحَسَكِ تِيناً”.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: