أدى اندلاع الحرب بين “حماس” وإسرائيل الى توليد حالة من الجهل الجيوسياسي في الشرق الأوسط، وتبلورت هذه الحالة بتراجع إنتاجية معظم الأسواق العالمية، إلا أن هذا الوضع لم يشمل جميع الشركات والأسهم، إذ إنها سجّلت نتائج مغايرة حيث ازدادت إنتاجيتها وخالفت مؤشرات الاتجاه العام، تزامناً مع تصاعد وتيرة المعارك، مع ضرورة التنويه الى أن تحديد مدى قوة تأثيرات الحرب على الأسواق الآن سابق لأوانه، لأنه مرتبط بمدى طول المعارك واتساعها، بحسب الخبراء والمحلّلين.
الأمن السيبراني
في أول جلسة تداول بعد نشوب المعارك، خالفت أسهم شركة “HUB Cyber Security” ومقرها إسرائيل، التوقّعات حيث قفزت بنحو 165% نتيجة تفاعلها مع تزايد المخاوف من حدوث هجمات إلكترونية على مصالح وهيئات إسرائيلية كان قد أشار إليها تقرير لـ”بلومبرغ”، اطّلعت عليه “العربية.نت”، ومضمونه أن مجموعة قرصنة روسية تسمى “Killnet” تعهّدت في بداية الأسبوع الجاري بإطلاق هجمات سيبرانية على جميع الأنظمة الحكومية الإسرائيلية، وأعلنت المجموعة يوم الأحد، عن التعطيل الناجح لموقع الحكومة وموقع جهاز الأمن العام في إسرائيل.
كما أعربت مجموعة قرصنة تدعى “أنونيموس سودان”، يُشتبه بارتباطها بروسيا عن دعمها “للمقاومة الفلسطينية”، وتحمّلت مسؤولية التعطيل الموقت لموقع صحيفة “جيروزاليم بوست” يوم الإثنين.
التصنيع العسكري
مع أول جلسة تداول في الأسواق الأميركية بعد بدء الحرب، شهدت أسهم كل من الشركات المرتبطة بالصناعات العسكرية المتغيرات الآتية:
- صندوق iShares US Aerospace & Defense ETF: ارتفع بأكثر من 4%، مدعوماً بارتفاعات كبيرة في أسهم كل من “Lockheed Martin” بزيادة 8%، و”Northrop Grumman” بزيادة 12% و”Raytheon” بزيادة 4%.
-“لوكهيد مارتن”: سجّلت أفضل أداء يومي منذ مارس/آذار 2020، إذ تجاوزت بذلك المكاسب التي حققتها مباشرةً بعد شنّ روسيا عملياتها العسكرية على أوكرانيا.
- أسهم شركة “Northrop Grumman”: سجّلت أفضل أداء يومي لها منذ عام 2020.
- المؤشرات الرئيسية في وول ستريت مثل S&P 500 و”ناسداك”: إنخفضت وسط مخاوف من تصاعد أزمة التضخم، إلا أن التحركات الأميركية دعمت أسهم الصناعات العسكرية في إطار إعلان تقديم المساعدات العسكرية اللازمة لإسرائيل.
أسهم الطاقة
رغم أن النفط لم يشهد حتى الآن قفزة نوعية في الأسعار، إلا أن مجموعة “سيتي غروب” قالت إن تصاعد الحرب في غزة قد يؤثر على توصيتها الأخيرة بتخفيض أسهم الطاقة العالمية في المحَافظ الاستثمارية، ما يدفعها نحو التوصية بشراء أسهم الطاقة وسط ارتفاع أسعار النفط. وأكدت “سيتي غروب” أنه بإلإضافة إلى التوترات بين غزة وإسرائيل، هناك الركود الاقتصادي وأسعار الفائدة المرتفعة، وارتفاع التضخم الذين سيؤثرون بدورهم على أسواق الأسهم خلال العام الجاري.
ورغم خلل أسعار النفط في الأسبوع الأول من المعارك، لوحظ ارتفاع أسهم المنتجين الآسيويين للنفط، مثل:
- “Woodside Energy Group” و”Santos Ltd” الأسترالية: بنسبة أكثر من ٣% . – “Shell”و”BP Plc”: بحوالي 2.5% في لندن.
-“إكسون موبيل” و”شيفرون”: بأكثر من 2% في الولايات المتحدة، وذلك في أول يوم تداول بالأسواق بعد نشوب المعارك.
إرتفاع أو انخفاض أسهم شركات الطاقة يبقى مرتبطاً بمدى طول المعارك واتساع رقعتها، وفقاُ لأبحاث “DataTrek”، والتي إعتبرت أن “الخطر الكبير هو أن تكتشف إسرائيل أن إيران لعبت دوراً في هجوم حماس، إذ إن أي تحسّن في العلاقات بين إيران والغرب متوقف الآن، وهذا سيحدّ من إمدادات النفط الإضافية، مما يزيد من حالة عدم اليقين خصوصاً مع وصول احتياطي النفط الاستراتيجي الأميركي الى أدنى مستوى له منذ 40 عاماً،ورغم أن إسرائيل وغزة ليستا من كبار منتجي النفط، فإن كل ما يحدث على المستوى الجيوسياسي في الشرق الأوسط عادة ما يؤثر على أسعار النفط”.
بريق الذهب
عاد اهتمام المستثمرين بالذهب مع الأيام الأولى للحرب بين إسرائيل وحماس، باعتباره استثماراً آمناً في الأوقات التي تسيطر فيها حالة من عدم اليقين اقتصادياً وأمنياً، ولكن بما أن الذهب لا يدّر عائداً، فإنه يفقد جاذبيته مع تراجع حدة الأزمات.
وقد ارتفعت أسهم شركات مناجم الذهب، مثل:
- شركة “Newcrest Mining Ltd” الأوسترالية وشركة التعدين الأميركية “نيومونت كورب” بنسبة 1.8% مع ارتفاع الطلب على المعدن النفيس كملاذ آمن في هذه الظروف.
ومن المتوقع استمرار تصاعد أسعار الذهب، وارتفاع أسهم الشركات العاملة فيه، إذا طالت مدة الصراع لأن المستثمرين همّهم الأول في هذه الأوقات هو البحث عن ملاذات آمنة لأموالهم الاستثمارية.