كتبت جويس تابت
البارحة مهسا واليوم آرميتا وبينهما ندا، ونويد، والكثيرات من الفتيات الإيرانيات اللواتي تُقتلن بسبب عدم ارتداء الحجاب.
بعد مقتل مهسا أميني في 16 أيلول 2022 في العاصِمة الإيرانيّة طهران، حيث فارقت الشابة الإيرانية الحياة عقبَ إلقاءِ القبض عليها من قِبل شرطة الأخلاق بسبب عدم ارتداءها للحجاب، وبالرغم من الغضب الكبير الذي تحوَّل لسلسلةٍ من الاحتجاجات في عشرات المدن الإيرانية بما فيها العاصمة طهران. اعتداءٌ جديد يُضاف الى سجل النظام الإيراني القمعي تسبّب بمقتل القاصرة أرميتا غراوند، وهي فتاة إيرانية تعرضت في الأول من تشرين الأول الى دفع بقوة من قبل قوات الأمن في مترو أنفاق طهران للسبب نفسه: “عدم ارتدائها الحجاب”.
اعتداء أفقدها وعيها وحياتها ومستقبلها وأحلامها وحقها بالحياة، بعدما ضُرب رأسها بعمودٍ حديدي تسبب بنقلها إلى مستشفى فجر العسكري وهي في حالةٍ حرجة. وبالرغم من وضعها الصحي الدقيق وُضعت آرميتا تحت حراسة أمنية مشددة، حيث انخفض ضغط دمّها في اليوم الأول لنقلها المستشفى نتيجةً لتعرّضها للإرتطام بالعامود الحديدي بعد تعرّضها للضرب وليس كما ادّعت السلطات الإيرانية أنها فقدت وعيها في مترو أنفاق طهران بسبب انخفاض ضغط الدم.
توقفت آرميتا عن التنفس واحتاجت إلى إنعاش قلبيّ رئويّ، وبعد 24 يومًا من الغيبوبة الدماغية، فارقت الفتاة الحياة لتلتقي في السماء بحريّةٍ ممنوعة على أرض ايران. في المقابل، تعرّضت أسرة آرميتا الى الكثير من الضغوطات لمنعها من توجيه اتهامات للأجهزة الأمنية بضرب ابنتها والتسبب بمقتلها. وبالرغم من عدم صدور تأكيد رسمي حتى الآن بشأن إعتقال والدتها شهين أحمدي، فقد صرّحت منظمة «هنغاو» الحقوقية الإيرانية الكردية على منصة «إكس» إن قوات الأمن قبضت عليها اولى أيام تعرّض شهيدة “انتهاك قانون الحجاب في ايران” للضرب.
ضربٌ وتعذيب، إهانات وشتائم، اعتقالات ومحاولات قتل… وإن فشلت جميعها بإسكات البطلات الإيرانيات، فإعدامات. هذا ما تقاومه النساء والفتيات الإيرانيات في محاولة منهنّ باسترداد أبسط حقوق المرأة في ايران، لا التعلم ولا الرفاهية، لا المشاركة في السلطة ولا المساواة، بل “الحرية والحياة”.
في المقابل، إدانات واستنكارات عالمية وعلى كافة المستويات، جمعيات نسوية، وزراء خارجية ومبعوثي الأمم في ايران، جميعها لم تكن كافية لتُجنّب عائلة ايرانية أخرى من تجرّع سمّ خسارة إبنة أو أخت أو والدة. حتى الإحتجاجات التي استمرّت عدة أشهر بعد مقتل مهسا أميني والتي تسببت بمقتل أكثر من 550 مواطنًا ايرانيًّا، لم تنجح بأن توقف سقوط ضحيّات للقمع والتسلّط والترهيب والإكراه.
أسئلة كثيرة تُطرح، منها استجدّ اليوم: “هل من الممكن أن تشهد ايران تحدّ جديد للسلطات من خلال موجة احتجاجات جديدة على مقتل آرميتا غراوند كالتي ولّدتها جريمة قتل مهسا أميني؟ أم أن مقتل مئات الأشخاص في الإنتفاضة السابقة ستمنع نزول المزيد من المحتجّين الى الشوارع خوفًا من اعتقالٍ أو إعدام؟” ومنها أسئلة تُطرح بين الحين والآخر منذ الإطاحة بحكم الشاه عام 1979 حتى يومنا هذا: الى متى سيستمرّ هذا النظام بالقمع والإستبداد والتنكيل بكل معارض يشكّل خطرًا على استمراره، وبكل مقاومٍ لقوانينه المُجحفة بحق الإنسان بشكلٍ عام والمرأة بشكل خاص؟ وألم يحن بعد زمن قرع جرس إنسانية تنازع في ايران؟